تعال معي الى شعر أبى مسلم لترى أنه يمكن تقسيمه الى (ديني) وهو ما حمل حمد الله والوعظ والزهد و " استنهاض ومديح وغزل وحنين ورثاء" وانا اعتقد أن شعر أبى مسلم في حقيقته كله جانب واحد وان تجزأ فهو يلتقى في ناحية واحدة هي الاستنهاض فأنت سوف ترله عندما يعبد ربه فيدعوه بالشعر ويسبحه به يعود الى الظالمين فيستنزل عليهم غضب الله فكأنه يريد أولا نفس قارئ شعره بذكر الله ليهيئها للعمل خالصة في مقابلة الظلم ولقد نظم في أسملء الله الحسنى قصيدة كاملة قسمها الى مقاطع وجعل كل مقطع مختصا باسم من اسماء الله الحسنى فيورد الاسم أولا ثم يحلل النعمة التي اسبغها الله على هذا العالم فوافقت اسمه ولنضرب مثلا لذلك بقوله عن " المصور"
مصور أشكال الوجود معدل الذوات ... على ما شئت في أي صورة
الهي زينت الظواهر مطلقا ... ... وأعطيت بالتخصيص نور السريرة
وميزت من بين البهائم خلقنا ... ... وزكيت بالإخلاص نفسا تزكت
وصورت فينا الغي والرشد والهوى ... فكل له ميل بحكم المشيئة
وصورت تكميل القوى كل قوة ... لما خصها في ذاتها من وظيفة
ويستمر هكذا يحلل تصوير الله في النفس وعندما ينتهي يختم المقطع بالدعاء وهو في مقطع المصور يدعو دعاء يتبين منه نفسه الطاهرة ويقتبس منه حكمة عالية:
الهي كما أحسنت صورة ظاهري ... ... فأحسن بحب الله باطن صورتي
فانك لم تنظر إلى حسن صورة ... ... ولكن إلى حسن القلوب المضيئة
أما الملاحظة التي أوردتها عن سعيه لتهيئة النفوس لمقاومة الظلم فيمكنك أن تراها في معظم المقاطع من هذه القصيدة الطويلة فنقرأ مثلا في مقطع اسم الله - الخافض-
إلى الله أشكو ظالما أنت حسبه ... ... ترفع طغيانا إلى ضعف قوتي
تراءت له الدنيا كلقمة جائع ... ... ... فساغت له أكلا وباشر أكله
فيا خافض اخفضه بأسفل سافل ... ... وسبط عليه الرجز في كل وجهة
وفي- المذل- يزلزل أوتاد الظلم بهذا البيت .
صفحه ۷