أنت منا كدرة التاج في التاج ... ... ومثل الربيع حذو الخريف وللشاعر جانب خاص من شعره فيما يتعلق ببيته والجانب هذا يمثل مدى إندماج الشاعر بأهله وهو في الأدب العربي محبوب وسوف يرى خطوات الشاعر فيه عند مطالعته الديوان.
أما الرثاء فقد كان لدى أبي مسلم دمعا يسيل وأجفانا تتقرح لا لفظا وصياغة فحسب، سوف تشعر أن الرجل أمامك يبكي وينتحب وربما تحس بعد حين أنك أنت نفسك الذي تبكي، إن الرجل جلود ولذلك بكى في رثائه بكاء الجلود وليس أكبر على المرء من أن يصاب في آماله وفي من يحققون له هذه الآمال ولذلك صبر الرجل وتجلد فيما واجهه من مصائب ولكنه لم يستطع أن يحافظ على جلده وهو يفقد القادة الذين قادوا وطنه ضد الاستعمار والطغيان. هذا هو يرثي العلامة الزعيم عبدالله بن حميد السالمي:
نكسي الأعلام يا خير الملل ... ... ... رزئ الإسلام بالخطب الجلل
وانتثر يا دمع أجفان التقى ... ... ... قد أصيب العلم واغتيل العمل
وانفطر يا قلب واستعص الأسى ... إن حبل الدين بالأمس انفتل
أشعل البرق علينا جذوة ... ... ... فإنطفا واتقدت فينا الشعل
أيها المسلمون اخفضوا الأعلام فالرزء عم الجميع منذ أن وردتنا برقية النعي فأشعلت في صدورنا صواعق الحزن. أن أبا مسلم قد أجاد في هذه المرثية انظر كيف يصف توديع الزعيم الذي اختاره الله:
عجبا من نعشه تحمله ... ... ... فتية وهو على الكون اشتمل
جمع العالم في حيزومه ... ... ... أترى العالم في القبر نزل
هذا هو أبو مسلم شاعرا مكافحا ولكني لم أخبرك عن شخصيته وكان حريا أن أتبع أصول الدراسة الأدبية فأعرف بالشاعر أولا ثم بشعره، وأنا أيها القارئ الكريم قد خرجت عن هذا العرف لسبب ذلك أني لم أرد أن أشغلك بالشخص وقد تكون لا تعرف عن شعره شيئا ولهذا فضلت أن أخبرك عن انتاجه لتلتقي به على معرفة.
صفحه ۱۶