إذا رمت بقوسها واحدة ... ... ... وما رمت وإنما الله رمى ...
هذه هي المقصورة...إنها ملحمة مجدنا التالد وواقع حاضرنا المرير وطريق مستقبلنا الجديد وهي جديرة بالتأمل، وحسب صاحبها أن تجعله في الطليعة بين شعراء العرب. وما أجدرنا بقراءة المقصورة، " نحن الذين يسن الاستعمار اليوم أنيابه لامتصاص دمائنا بإحتلال بلادنا في وقت جدير بان يقف للمستعمرين بالمرصاد فياويل المستعمر من ظنه إذ يحسبنا غافلين.
بقي أيها القارئ الكريم أن تعرف جوانب شاعرية أبي مسلم بعد أن عرفت جانبين منهما وهما أوسع الجوانب في شعره ولعل شعر الحنين يجئ في المرتبة الثالثة وقد حق له أن يحن رغم تعلقه بوطنه وأمته كما رأيت فإن الأيام قد حاربته فسافر إلى أفريقية الشرقية وتظهر جودته في الحنين قصائده( تلك البوارق، ألا هل لداعي الله في الأرض سامع، قضت وطرا من سكن أفياء نعمان) وغيرها من القصائد التي سيجدها القارئ بالديوان وجودته في الحنين منتظرة ما دام يتمتع بالقدرة التي لاحظها القارئ وبالحب الكبير لوطنه.
على أن ذكر النفس عهدا ومعهدا ... امض بها مما تمج الأراقم
وللشاعر غزل ولكن يقتصر على وصف الحبيب أو وصف مجالسه، أما أن نجد المعاني الغزلية العميقة في الشوق والألم والصبر فليس له فيه ميدان وسوف يرى القارئ ذلك عندما يقرأ شعره.
ولم يكثر المديح لأنه لم يكن من طبعه التزلف ولكنه إذ يمدح يجيد معاني في المدح يبعثها دفع ممدوحة إلى أن يتبع سبل المجد والخير فأستمع إليه مثلا:
هزك المجد والفتوة والسؤدد ... ... والمجد كاهتزاز السيوف
إنما أنت مرزأ تحمل الكل ... ... ... وتنفي رزيئة الملهوف
إن قصدت العلى فليس عجيبا ... ... وليس قصد الشريف غير الشريف
صفحه ۱۵