وعاد صميدة يقول في لهفة: ماذا؟
ودون أن ينظر إليه إسماعيل أفندي قال: انتظر.
ثم أخذ يهمهم بالأرقام همهمة لا تكاد تفصح ثم قال: تمام تسعة وعشرون جنيها وثلاثون مليما. - سنة أسود من الحبر يا أولاد، كم يا إسماعيل أفندي، كم؟
كشر إسماعيل أفندي عن أنيابه في غضبة مستأسدة: ما سمعت، إن كان هذا جميعه من أجل الجنيه الذي آخذه منك كل سنة فلا داعي له. - وتريد جنيها أيضا يا إسماعيل أفندي. - أنت حر، وعلى كل حال السنوات القادمة أكثر من الفائتة، لا تغضب في السنة القادمة إن جعلت غيرك يقدم عليك في الري أو أخرت عنك الكيماوي أو إذا ... وقاطعه صميدة: وتريد جنيها أيضا يا إسماعيل أفندي.
وقال إسماعيل أفندي في جراءة وعدم مبالاة: يا أخي قلت لك أنت حر، قم، قم. - أمرك يا إسماعيل أفندي، أمرك، خذ الجنيه يا إسماعيل أفندي. - لا أبدا، لا لزوم له. - أنا غلطان يا إسماعيل أفندي. - أبدا، لماذا؟ - هات رأسك، أبوسها. - لا، لا، أنا لست بزعلان، خذ، هذه هي نقودك. - وهذا هو جنيهك، لا تكن غضبان يا إسماعيل أفندي، سلام عليكم.
وقال إسماعيل أفندي بلهجته الساخرة الهازئة: وعليكم السلام يا سيدي ورحمة الله وبركاته.
وخرج صميدة إلى الطريق، أهذه هي نتيجة الشقاء لمدة عام بأكمله، ماذا أفعل الآن، أظن الولد هو أهم شيء الآن، الولد، مسكين علي.
وقصد صميدة إلى بيته وصحب ابنه إلى البندر.
وفجأه الطبيب هناك بأن الطفل مريض بالزائدة الدودية ولا بد أن تجرى له عملية لاستئصالها. - وكم تكلف هذه العملية؟ - عشرة جنيهات.
ولم يزد: حمل ابنه على كتفه ولم يشتر شيئا مما أرادته زوجه أن يشتري وعاد إلى القرية، ماذا سيفعل، عشرة جنيهات، للعملية وجهاز البنت، هذه هي السنة الثالثة في خطبتها، كيف يؤخر زواجها بعد الآن؟ لقد قبض مهرا ثلاثين جنيها لا بد أن يقدم جهازا بأربعين جنيها على الأقل، من أين لي بالأربعين جنيها؟ ونفيسة تريد ملابس وأنا أريد ملابس، ماذا سأفعل بهذا المبلغ؟
صفحه نامشخص