قال عبد الوهاب : ( وهل يجوز أن يخبر بما لا يريد ؟ أو لا يخبر إلا بما أراد في الأزل بخلاف الأمر ؟ لأن الأشعرية ذهبوا إلى أن الله تعالى يأمر بما لا يريد ، لأن الله - عز وجل - أمر رسوله أن يأمر أبا جهل وغيره من كفار قريش أن يؤمنوا ، ولم يرد منهم الإيمان ، وأخبر أنهم لا يؤمنون ) .
الجواب :
اعلم أن الإرادة تشتبه على من لم يعرف حقيقتها .
أحيانا تشير إلى المحبة ، وأحيانا إلى الاختيار .
وقد أخبر الله - عز وجل - على مالا يريده ، وقد أخبر عن الكفر ، وهو لا يريده ، بمعنى كرهه ومنى عنه .
وحكايته عن الأشعرية أن الله يأمر بما لا يريد قد كان ، فالأمر : فعل عندنا ، والإرادة : صفة ، وعند الأشعرية : أنهما معنيان يوصف الله تعالى بهما ، وما حكوا عن أبي جهل فصحيح ، وكذلك بعض قريش ، لو أراده منهم حتما لأرادوه ، ولو أراده منهم أمرا لأمكن الوجهان أن يريدوه أو أن لا يريدوه .
وهذه المسألة إنما هي المثبته والمزيلة ، وقد شملنا نحن والأشعرية جوابها ، والله المستعان .
وقال عبد الوهاب : ( فإن احتج من يقول بإنفاذ الوعيد ويقول كما لا يجوز الخلف في الوعد كذلك لا يجوز الخلف في الوعيد لعموم الإرادة لهما ويحتج بقوله تعالى : ( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ) . أو بقوله : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) إلى قوله : ( إلا من تاب ) . فهذه الاستثناءت كلها لمن تاب ، ومن لم يتب فهو باق في عموم الآيات المتقدم ذكرها ) .
الجواب :
قوله : ( فإن احتج محتج بإنفاذ الوعيد ، ويقول : كما لا يجوز الخلف في الوعد كذلك لا يجوز في الوعيد ) .
قلنا : صدق . قال الله - عز وجل - : ( لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ) إلى قوله : ( للعبيد ) . فهذه المسألة لنا لا علينا : إنما هي على الأشعرية الذين خصوا هذه الآيات العمومية بالمشيئة الظاهرة والتجأوا إلى المشيئة الخفية .
صفحه ۷۱