اعلم أن الثواب ينحبط باقتراف زلة واحدة ولا ينحبط العمل ، فعلم هذا من الشرع ، وليس من جهة العقل ، ولو شاء من له الخلق والأمر ، أن ينافي الكبير كل طاعة في الدنيا ، كالردة ومفارقة الملة لفعل .
وقال عبد الوهاب : ( فإن قال قائل : إن الوعد والوعيد خبران واقعان على الحقيقة ، لا يجوز الخلف في أحدهما ، لأنهما عمومان جاريان على عمومهما ، فلا يكون بخلاف مخبره ، لأن ذلك لا يجوز عند الأصوليين في خبر الله تعالى ) .
وأما قوله : ( إن الوعد والوعيد خبران لا يجوز الخلف فيهما ) فصدق ، ولن يخلو هذا الأمر من أحد خمسة أوجه :
أما أن يصح خبر الوعد ويبطل خبر الوعيد ، أو يصح خبر الوعيد ويبطل خبر الوعد ، أو يبطلان جميعا أو يصحان جميعا ، فليس يصح في هذه لوجوه الأربعة شيء .
وأما أن يجعل لكل واحد منهما حظا ونصيبا فربما ...
فأما نصيب الطاعة ، فبإجماع الأمة أن الثواب لا يصح بخصلة واحدة ، فيثنيه الله تعالى على الصلاة وحدها مع بطلان الزكاة والصوم والحج ، أو الزكاة وحدها مع بطلان غيرها ، إلا أن كان سبب شرعي كالتوبة وغيرها .
وأما نصيب المعاصي ، فإن الله تعالى حط جميع المعاصي بالتوبة ، وهي الترياق الأعظم ، أو بالأدوية : والأدوية مخصوصة لأدواء مخصوصة كالسيئات ، فإن الحسنات تخص معاصي معلومة .
فنصيب الجميع أن من معه من الصالحات ما يقابل السيئات فهذا من أهل الجنة ، كالذي يروي عن أهل الأعراف : أنهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، ومقدار ذلك وعلمه عند الله .
وقد علمنا أن السيئات تدرأ باجتناب الكبائر وبالمشيئة ، مثل التوبة والحسنة والمصيبة وشفاعة المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأهل الأعراف وما وراء ذلك فمظنون غير متيقن ، لكن المصر والمعاند لربه والمبتدع الذي فارق الإسلام فلا ...
صفحه ۷۰