وأما قوله : وإن كان الثواب والعقاب متنافيين ، فليس الثواب أن يحبط أولى من العقاب أن يسقط ، والشرع يدل عليه وعلى درء السيئات بالحسنات ، فإحباطه العقاب أحق وقد قال الله - عز وجل -
( إن الحسنات يذهبن السيئات ) .
الجواب :
أن الثواب والعقاب متنافيان ، وليسا متنافيين عند السنية ، وقد أوجبوا العقاب للمؤمنين مرة فليسا بمتنافيين .
وقد ورد الشرع بإحباط الكبير ثواب العمل وبإذهاب الحسنات السيئات ، ولابد من تغليب أحدهما على الآخر ، فالكبير يحبط الثواب على صفة والحسنة تذهب السيئة على صفة .
وأما إحباط العقاب على كبير بغير شيء أي من غير مفكر فلا ، وهي مسألة ما بيننا وبين المرجئة ، فقالوا : إن المصر المعاند لربه والمبتدع الأحول عن ربه يسقط العقاب عنهما ، بغير الشرط الذي شرط الله عليهما من التوبة والحسنة والمصيبة والسيئة .
وأما قوله : ( الإيمان أجل أعمال العبد وأعلاها وهو ثابت والطاعة ثابتة ، ومصدر الطاعة التوحيد الذي لا يتم إلا به ، ثابتة على حقائقها .
الجواب :
قوله : ( والإيمان أجل أعمال العبد ) ، فقد صدق ، ولسنا نمتنع من أن يسقط به الباري سبحانه عقوبة المعاصي مثل سائر الحسنات ، وإنما أنكرنا من المعاصي صنفين : الإصرار والبدعة ، والحكمة قد منعت من إسقاطهما بحسنة أو سيئة .
وأما قوله : ( والإصرار على الكبيرة لو كانت تدرأ الطاعات لكانت تنافي صحتها ، كالردة ومفارقة الملة ) ، وهذا لا يلزمنا لأنا لا نقوله بل نقول : التنافي في المتضادات وليس التنافي في المختلفات ، والطاعة فعل العبد وضدها المعصية ، والثواب فعل الباري سبحانه وضده العقاب ، وليس بين الطاعة والعقاب تناف ...
وقوله : ( ينافي صحته ، كالردة ومفارقة الملة ) تحكم وتهكم لا جواب له كالسماء والأرض والجسم والعرض .
صفحه ۶۹