الذي يظهر في الأعيان أن يكون المقتضى واحدا وإن اختلفت الألفاظ ، فيكون إخبارك عن ذات الباري سبحانه هو الإخبار عن شيئيته وعن عينه ومعناه ، وإن اختلفت الألفاظ ، فليس في ذلك ما يقتضي الغيرية .
وأما سهم المكان : فاختلاف الأمكنة لا يوجب اختلاف الذات ، وكذلك في الأزمان ، لاسيما في الواحد لا يتجزأ .
والخصلة الثانية : أنهم ذهبوا في إلههم مذهبهم في أنفسهم وحصروه إلى أوهامهم واعتقدوا أن ذلك إثباته لا إبطاله ، وأن خلاف ما تذهب إليه الأوهام إبطال ، وآمنوا بالوحدانية لفظا وأغفلوها في المعنى حفظا وعجزوا عن قول الصديق - رضي الله عنه - ( العجز عن درك الإدراك إدراك ) وقالوا هم : العجز عن درك الإدراك هلاك .
ذكر من قال في القرآن بغير الحق والرد عليه
الرد عليهم في نفيهم خلق القرآن
فإن قالوا : فلم قلتم إن كلام الله وأمره منهيه والقرآن ليست بصفة الله تعالى في ذاته ، ولا هو قائم بذاته؟
قلنا وبالله التوفيق :
لما تقرر أن الحي مرتبط بأوصاف غير منفك له عنها ، وأثبتنا الباري سبحانه أنه الحي الفعال ، فثبت وجوده وحياته وعلمه وقدرته وإرادته ورضاه وسخطه وفعله ، ولكل كلام مقدمات سوابق ولواحق .
فمقدمات الألوهية : الوجود ، ولواحقها الأفعال ، والوجود والأفعال ليست بصفة ، لأن الوجود إثبات والفعل حودث وما بينهما فصفة .
فاستحال أن يكون الحي ولا علم ولا قدرة ولا إرادة ، والإرادة ولا قدرة ، والقدرة ولا علم ، والعلم ولا حياة .
صفحه ۶۳