وكذلك الرضى والسخط دليلهما اختلاف المحدثات ، فهذا حسن جميل ، وهذا قبيح رذيل ، ولولا الرضى والسخط لما وقعت التفرقة بين الخير والشر ، فمن كان بهذه الصفة ، يعني من لا يوصف بالرضى والسخط ، فهو إلى الموات والجماد أقرب .
فإن قال قائل : ما الدليل على الحدث ؟
قلنا : الحدوث .
فهذه المسألة بيننا وبين الدهرية ، فحسبنا منها حدوث الأعراض في الأجسام ، والأعراض محدثة ، لا يخلو الجسم من حادث ، ولا ينفك منه ، فما لم يسبق الحدث فحدث مثله .
فمن أراد حقيقة هذه ، فليطلبها في أدلة الموحدين في النفر الثمانية ، وفي كتاب ابن الخياط مستقصى .
فإن قال قائل : إذا ثبت وتقرر وجود ذات الباري سبحانه بالدليل ، فما مذهبكم في الصفات التي ادعيتم ، ولن يخلو قولكم من أحد ثلاثة أوجه :
إما أن تبطلوا وجود الصفات ألبته ، لئلا تجعلوا مع الله إلها آخر ، فتكونوا من المبطلين المعطلين .
وإما أن تثبتوها محدثة كائنة بعد إذ لم تكن ، فيكون الباري سبحانه بعكسها ، فيتصف بالموت قبل الحياة وبالجهل قبل العلم ، وبالعجز قبل القدرة ، وبالكره قبل الإرادة ، وبالجمادة قبل الرضى والسخط ، سبحانه .
أو تثبتوها معاني غير الله ، وقديمة غير محدثة . كما قدمنا .
قلنا وبالله التوفيق : إما إبطالها بعد ما تقرر الدليل ولاح السبيل ، فلا .
وأما إثباتها محدثة كائنة بعد إذ لم تكن ويتصف الباري سبحانه بعكسها ، فلا سبيل إليه .
وأما إثباتها أنها أغيار لله قديمة معه ، فلا سبيل إليه .
وهذه الأوجه الثلاثة مستحيلة ، وذلك أنه حكم فتحكم حين خص ولم يعم ، وأغفل الوجه الرابع .
وفي التقسيم توصيم ( عيب وعار ( 1 ) ) ولاسيما في الكاف والميم ، وسيأتي الفصل على دنادن الظلم فتنثلم بإذن الله تعالى ، وذلك عادة الله في الحق والباطل ، إذا جاء الحق زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا .
صفحه ۵۸