واعلم أنه لم يختلف اثنان ، بعد ثبوت حدوث الحدث أن له محدثا ، فعلم هذا ضروري كما قدمنا ، وأنما وقع التشابط والتخابط بين الموحدة والدهرية في حدوث الحدث ، ولسنا والأشعرية مختلفين في شيء من هذا .
فإن قال قائل . ما الدليل على قدمه ؟
قلنا : كونه قبل الحدث .
واعلم أن القديم من سبق وجوده وجود الحدث ، فكل من لم يكن ثم كان فهو المحدث ، وكل من كان ولا تكوين فهو القديم .
فإن قال قائل : ما الدليل على حياته ؟
قلنا : تتصرفه في الأشياء بالإنشاء والإفناء والإبادة والإعادة والنقص والزيادة ، وهذا إلى علم الضروريات أقرب ، وإليه أذهب .
فإن قال قائل : ما الدليل على علمه ؟
قلنا : إتقانه الحدث ، ولما رأينا المحدث قد تأتي على مراد المحدث ، وصار كل شكل إلى شكله ، ورجع كل فرع إلى أصله ، من الأرض والسموات والأشجار والنبات والجماد والحيوانات ، على نظام واحد ، وترتيب واحد .
وهو الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن ، وخلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ، وهذه الضرورية أقرب .
والعلم والقدرة والإرادة والرضى والسخط من توابع الحياة .
وصفات الحي مهما انخرمت منها صفة انخرمت الحياة ، ولابد من الإشارة .
فإن قال قائل : ما الدليل على القدرة ؟
قلنا : صدور الحدث . ولا يصدر إلا عن قوة وإلا فالقوي والزمن واحد والحي والميت واحد .
فإن قال قائل : ما الدليل على الإرادة ؟
قلنا : تمييزه بين المقدورات ، هذا قد شاء وجوده فوجد ، وهذا لم يشأ وجوده فلم يوجد ، ووجد الموجود على صفة ما ، وغيره على خلافها ، والقدرة جارية عليهما قد شملتهما ، وفرقت الإرادة والمشيئة بينهما .
صفحه ۵۷