خير من ربهم وأن يردوهم كفارا وأن لا يدخل الجنة غيرهم، أي تلك الأماني الباطل (أمانيهم) جمع أمنية، أفعولة من التمني، أي شهواتهم الفاسدة لا حقيقة لها (قل) يا محمد (هاتوا) أي هلموا وآتوا (برهانكم) أي حجتكم على دخولكم الجنة (إن كنتم صادقين) [111] في الذي تدعونه فقوله «تلك أمانيهم» اعتراض بين قولهم «1» وجوابه.
[سورة البقرة (2): آية 112]
بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (112)
ثم قال (بلى) لا ثبات ما نفوه من دخول غيرهم الجنة، أي بلى يدخل الجنة غيركم بشرط الإسلام، وبينه بقوله (من أسلم) مبتدأ متضمن بمعنى الشرط، أي من أخلص (وجهه) أي نفسه (لله) يعني لا يشرك به غيره (وهو محسن) أي في عمله أو مؤمن بمحمد عليه السلام وغيره من الأنبياء (فله أجره) خبر المبتدأ، أي له ثوابه (عند ربه) أي في الجنة (ولا خوف عليهم) من العذاب حين يخاف أهل النار (ولا هم يحزنون) [112] في الآخرة أو على ما خلفوا من أمر الدنيا.
[سورة البقرة (2): آية 113]
وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (113)
قوله (وقالت اليهود) نزل حين تنازع يهود المدينة ونصارى نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كل فريق منهما للآخر: ما أنتم على شيء من الدين «2»، يعني قالت طائفة اليهود (ليست النصارى على شيء) من أمر الدين وكفروا بعيسى عليه السلام والإنجيل، أي شيء يعتد به بالكلية لا نعدامه (وقالت النصارى ليست اليهود على شيء) من أمر الدين، وكفروا بموسى عليه السلام والتورية (وهم) أي والحال أنهم (يتلون الكتاب) أي يقرؤنه، يعني أنهم من أهل العلم وتلاوة الكتب المنزلة فحق من آمن بواحد منها أن يؤمن بكلها ولا يكفر، لأن كل واحد منها مصدق للآخر، فلو نظروا فيه حق النظر لارتفع الخلاف من بينهم، فدل ذلك على جهلهم وضلالتهم (كذلك) أي مثل ما سمعت يا محمد من هؤلاء العلماء الضالة (قال الذين لا يعلمون) أي قال الجهلة الذين لا علم لهم ولا كتاب كعبدة الأصنام وغيرهم في شأنك (مثل قولهم) لأن عوام اليهود ومشركي العرب قالوا: إن محمدا وأصحابه ليسوا على شيء من أمر «3» الدين (فالله يحكم) أي يقضي (بينهم) أي بين اليهود والنصارى (يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) [113] من أمر الدين وحكم الله بينهم أن «4» يكذبهم ويدخلهم النار ويريهم من يدخل الجنة عيانا.
[سورة البقرة (2): آية 114]
ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم (114)
قوله (ومن أظلم) نزل حين منع المشركون رسول الله أن يدخلوا المسجد الحرام عام الحديبية «5»، وقيل: نزل لأجل إسفسيانوس الررمي حيث خرب بيت المقدس وألقى فيه الجيفة وبقي خرابا إلى زمان عمر رضي الله عنه «6»، أي ومن هو مفرط في الظلم (ممن منع مساجد الله) وإنما جمع مع أن المنع وقع على مسجد واحد وهو المسجد الحرام أو بيت المقدس ليكرن الحكم عاما وإن كان السبب خاصا، قوله (أن يذكر) في محل النصب مفعول ثان ل «منع»، أي منعها أن يذكر (فيها) أي في المساجد (اسمه) أي اسم الله بأن يسبح ويصلي له فيها
صفحه ۶۹