النوع الآخر: لا سبيل للإطلاع على وجوه الحكمة فيها كالحج وأفعاله من طواف ورمل وسعي ورمي فكلما جاز أن اكلف الله سبحانه عبيده بما لا يفهمون وجه الحجة فلذلك يجوز أن ينزل الله تعالى على عبيده ما لا يفهمونه .
قلت : ولا سوا فإن الله تعالى إنما أراد كلف عبيده أن ينجوا من العذاب لا أن يعرفوا وجوه الحكمة في تفاصيلها من كونها رباعية وثلاثية وثنائية ومجهورا بها ومخافيا بها بخلاف القرآن الكريم فإن الله عز وجل لم ينزله لئلا ينتفع به ولا يفهمون ما قصد به[26- ] العزيز الحميد : وقد تقدم ما رويناه عن النبي صلى الله عليه وآله [وسلم] وعن امير المؤمنين القول الآخر : قول من قال إن المعنى بهذه الحروف مفهوم وهو الصحيح عندي لما قدمته وهؤلاء مختلفون في المعنى فمنهم من يقول هي أسماء للسورة ومنهم من يقول : هي أسماء لله تعالى.
وقد روى عن أمير المؤمنين عليه السلام انه كان يقول : يا كهيعص وحم عسق وهذا عندي غير مرضي لجواز أن يريد أمير المؤمنين عليه السلام يا منزل كهيعص وحم عسق وقيل إن المراد به أن الله لما تحدى العرب أن ياتوا بمثل القرآن هذا أو بعشر سور أو بنوره فعجزوا فقرعهم وبكتهم وأعلمهم أن هذا القرآن الذي عجزتم عن معارضته إنما هو مركب من هذه الحروف التي انتم قادرون عليها وعالمون بقوانين الفصاحة فيها وقد عجزتم عن الإتيان بمثلها فعرفوا أنها من جه الله تعالى.
صفحه ۳۹