(وينبغي له أن يجتهد في التجارة والكسب ليفضل على غيره، ولا يفضل غيره عليه، وليبلغ من ذلك غاية لا تمنعه عن العلم، ثم ينبغي له أن يطلب الغاية في العلم.
ومن أقبح النقص: التقليد، فإن قويت همته رقته إلى أن يختار لنفسه مذهبا، ولا يتمذهب لأحد، فإن المقلد أعمى يقوده مقلده.
ثم ينبغي له أن يطلب الغاية في معرفة الله تعالى ومعاملته، وفي الجملة لا يترك فضيلة يمكن تحصيلها إلا حصلها، فإن القنوع حالة الأراذل:
فكن رجلا رجله في الثرى ... وهامة همته في الثريا
ولو أمكنك عبور كل أحد من العلماء والزهاد فافعل، فإنهم كانوا رجالا، وأنت رجل (¬1)، وما قعد من قعد إلا لدناءة الهمة وخساستها.
واعلم أنك في ميدان سباق، والأوقات تنتهب، ولا تخلد إلى كسل، فما فات من فات إلا بالكسل، ولا نال من نال إلا بالجد والعزم.
وإن الهمة لتغلي في القلوب غليان ما في القدور، وقد قال بعض من سلف:
ليس لي مال سوى كري ... فبه أحيا من العدم
قنعت نفسي بما رزقت ... وتمطت في العلا هممي) (¬2) اه.
ومن غليان الهمة فى الصدور يفزع صاحبها إلى المجد فزعا:
إذا ذكر المجد ألفيته ... تأزر بالمجد ثم ارتدى
صفحه ۵۹