بالدليل على ذلك لأنه سوء أدب في حقهم وكيف ينبغي التوقف عن العمل بأقوال قد بنيت على أصل صحيح الأحاديث وعلى الكشف الصحيح الذي لا يخالف الشريعة أبدا فإن علم الكشف أخبار بالأمور على ما هي عليه في نفسها وهذا إذا حققته وجدته لا يخالف الشريعة في شئ بل هو الشريعة بعينها فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخبر إلا بالواقع لعصمته من الباطل والظن انتهى وسيأتي بيان ذلك قريبا إن شاء الله تعالى وسمعت سيدي عليا المرصفي رحمه الله يقول مرارا كان أئمة المذاهب رضي الله عنهم وارثين لرسول الله صلى الله عليه وسلم في علم الأحوال وعلم الأقوال معا خلاف ما يتوهمه بعض المتصوفة حيث قال إن المجتهدين لم يرثوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علم القال فقط حتى أن بعضهم قال جميع ما علمه المجتهدون كلهم ربع علم رجل كامل عندنا في الطريق إذ الرجل لا يكمل عندنا حتى يتحقق في مقام ولايته بعلوم الحضرات الأربع في قوله تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهؤلاء المجتهدون لم يتحققوا بسوى علم حضرة اسمه الظاهر فقط لا علم لهم بعلوم حضرة الأزل ولا الأبد ولا يعلم الحقيقة انتهى قلت وهذا كلام جاهل بأحوال الأئمة الذين هم أوتاد الأرض وقواعد الدين والله أعلم وسمعت سيدي عليا الخواص أيضا يقول كل من نور الله تعالى قلبه وجد مذاهب المجتهدين وأتباعهم كلها تتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق السند الظاهر بالعنعنة ومن طريق إمداد قلبه صلى الله عليه وسلم لجميع قلوب علماء أمته فما اتقد مصباح عالم إلا من مشكاة نور قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فافهم وسمعته يقول مرة أخرى ما من قول من أقوال المجتهدين ومقلديهم إلا وينتهي سنده برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بجبريل ثم بحضرة الله عز وجل التي تجل عن التكييف من طريق السند الظاهر والسند الباطن الذي هو علم الحقيقة المؤيدة بالعصمة فمن نقل علمها على الحقيقة لم يصح منه خطأ في قول من أقواله وإنما يقع الخطأ في طريق الأخذ عنها فقط فكما يقال إن جميع ما رواه المحدثون بالسند الصحيح المتصل ينتهي سنده إلى حضرة الحق جل وعلا فكذلك يقال فيما نقله أهل الكشف الصحيح من علم الحقيقة وذلك لأن جميع مصابيح علماء الظاهر والباطن قد اتقدت من نور الشريعة فما من قول من أقوال المجتهدين ومقلديهم إلا وهو مؤيد بأقوال أهل الحقيقة لا شك عندنا في ذلك انتهى وهذا سبب تأييدي لكلام أئمة الشريعة بتوجيهي لكلامهم بكلام أهل الحقيقة في كل مسألة من باب الطهارة إلى آخر أبواب الفقه كما سيأتي بيانه فيها إن شاء الله تعالى ولا أعلم أحد سبقني إلى التزام ذلك في كتاب كل ذلك تقوية لقلوب الطلبة من مقلدي المذاهب ليعملوا بكلام أئمتهم على يقين وبيان إذا رأوا الحقيقة تؤيد الشريعة المستنبطة وعكسه انتهى وسمعت أخي الشيخ أفضل الدين وقد جادله فقيه في مسألة يقول والله ما بنى أحد من أئمة المذاهب مذهبه إلا على قواعد الحقيقة المؤيدة بالكشف الصحيح ومعلوم أن الشريعة لا تخالف الحقيقة أبدا وإنما تتخلف الحقيقة عن الشريعة في مثل حكم الحاكم بشهادة شهود الزور الذين اعتقد الحاكم عدالتهم فقط فلو كانوا شهود عدالة ما تخلفت الحقيقة عن الشريعة فكل حقيقة شريعة وعكسه وإيضاح ذلك أن الشارع أمرنا
صفحه ۴۹