بأنهم كانوا علماء بالطريقين وكان يقول لا يصح خروج قول من أقوال الأئمة المجتهدين عن الشريعة أبدا عند أهل الكشف قاطبة وكيف يصح خروجهم عن الشريعة مع اطلاعهم على مواد أقوالهم من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة ومع الكشف الصحيح ومع اجتماع روح أحدهم بروح رسول الله صلى الله عليه وسلم وسؤالهم عن كل شئ يوقفوا فيه من الأدلة هل هذا من قولك يا رسول الله أم لا يقظة ومشافهة بالشروط المعروفة بين أهل الكشف وكذلك كانوا يسألونه صلى الله عليه وسلم عن كل شئ فهموه من الكتاب والسنة قبل أن يدونوه في كتبهم ويدينوا الله تعالى به ويقولون يا رسول الله قد فهمنا كذا من آية كذا وفهمنا كذا من قولك في الحديث الفلاني كذا فهل ترتضيه أم لا ويعملون بمقتضى قوله وإشارته ومن توقف فيما ذكرناه من كشف الأئمة المجتهدين ومن اجتماعهم برسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث الأرواح قلنا له هذا من جملة كرامات الأولياء بيقين وإن لم تكن الأئمة المجتهدون أولياء فما على وجه الأرض ولي أبدا وقد اشتهر عن كثير من الأولياء الذين هم دون الأئمة المجتهدين في المقام بيقين أنهم كانوا يجتمعون برسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ويصدقهم أهل عصرهم على ذلك كسيدي الشيخ عبد الرحيم القناوي وسيدي الشيخ أبي مدين المغربي وسيدي أبي السعود بن أبي العشاير وسيدي الشيخ إبراهيم الدسوقي وسيدي الشيخ أبي الحسن الشاذلي وسيدي الشيخ أبي العباس المرسي وسيدي الشيخ إبراهيم المتبولي وسيدي الشيخ جلال الدين السيوطي وسيدي الشيخ أحمد الزواوي البحيري وجماعة ذكرناهم في كتاب طبقات الأولياء ورأيت ورقة بخط الشيخ جلال الدين السيوطي عن أحد أصحابه وهو الشيخ عبد القادر الشاذلي مراسلة لشخص سأله في شفاعة عند السلطان قايتباي رحمه الله تعالى اعلم يا أخي أنني قد اجتمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتي هذا خمسا وسبعين مرة يقظة ومشافهة ولولا خوفي من احتجابه صلى الله عليه وسلم عني بسبب دخولي للولاة لطلعت القلعة وشفعت فيك عند السلطان وإني رجل من خدام حديثه صلى الله عليه وسلم وأحتاج إليه في تصحيح الأحاديث التي ضعفها المحدثون من طريقهم ولا شك أن نفع ذلك أرجح من نفعك أنت يا أخي انتهى ويؤيد الشيخ جلال الدين في ذلك ما اشتهر عن سيدي محمد بن زين المادح لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه كان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة ومشافهة ولما حج كلمه من داخل القبر ولم يزل هذا مقامه حتى طلب منه شخص من النحرارية أن يشفع له عند حاكم البلد فلما دخل عليه أجلسه على بساطه فانقطعت عنه الرؤية فلم يزل يتطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤية حتى قرأ له شعرا فتراءى له من بعيد فقال تطلب رؤيتي مع جلوسك على بساط الظلمة لا سبيل لك إلى ذلك فلم يبلغنا أنه رآه بعد ذلك حتى مات انتهى وقد بلغنا عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي وتلميذه الشيخ أبي العباس المرسي وغيرهما أنهم كانوا يقولون لو احتجبت عنا رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما أعددنا أنفسنا من جملة المسلمين فإذا كان هذا قول آحاد الأولياء فالأئمة المجتهدون أولى بهذا المقام وكان سيدي على الخواص رحمه الله تعالى يقول لا ينبغي لمقلد أن يتوقف في العمل بقول من أقوال أئمة المذاهب ويطالبهم
صفحه ۴۸