العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار
العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار
ناشر
دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
ژانرها
وقال شيخُنا القاضي أبو الفتح ﵀: ويجوزُ أَنْ يكونَ الأعلى من الصفات اللازمة؛ التي ليس لها مفهوم يخالف المنطوق؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ﴾ [المؤمنون:١١٧]؛ وليس ثمَّ داعٍ (١) إلهًا آخر له به برهان (٢).
وكذلك ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ [البقرة: ٦١]؛ ولا يكونُ قتلُ النبيين، إلَّا بغيرِ الحقِّ.
فيكونُ الرفيقُ لم يطلقْ الأعلى؛ إلا على الَّذي اختصَّ الرفيقُ به، ويقوِّي هذا ما ورد في بعض الروايات: "وأَلْحِقْني بالرَّفيقِ" (٣)، ولم يصفه بالأعلى؛ وذلك دليل: أنَّه المراد بلفظة الرفيق، ويحتمل أن يعم الأعلى، وغيره.
ثم ذلك على وجهين:
أحدهما: أَنْ يُخَصَّ الفريقان معًا، بالمقربين المرضيِّين، ولا شكَّ أَنَّ مراتبَهم متفاوتةٌ؛ فيكون ﷺ طَلَبَ أَنْ يكونَ في أعلى مراتب الرفيق؛ وإِنْ كانَ الكلُّ من السعداءِ المرضيِّين.
الثَّاني: أنَّه يُطْلَقُ الرفيقُ، بالمعنى الوضعي؛ الَّذي يعمُّ كلَّ رفيق، ثمَّ يخص منه الأعلى بالطلب؛ وهو مطلق المرضيين؛ ويكونُ الأَعْلَى بمعنى: العَالِي، ويخرج عنه غيرهم، وإن كانَ اسمُ الرفيقِ منطلقًا عليهم.
ويُروَى أنَّ عُمَر بنَ عبدِ العزيزِ ﵁ لمَّا حَضَرتْه الوفاةُ، قال: أجلسوني، فأجْلَسُوه، فقال: أنا الَّذي أَمرْتَني فَقَصَّرْتُ، ونَهَيْتَني فَعَصيْتُ، ولكن لا إلهَ إلَّا الله، ثمَّ رَفَعَ رأسَه، فأمدَّ النَّظَرَ، ثمَّ قال: إِنِّي لأَرَى حضرةً ما هم بإنسٍ، ولا جنٍّ، ثمَّ قُبِضَ (٤).
(١) في "ح": "مُدَّعٍ".
(٢) انظر: "شرح عَمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ٦٩).
(٣) رواه البخاري (٤١٧٦)، كتاب: المغازي، باب: مرض النبي ﷺ ووفاته، ومسلم (٢٤٤٤)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: في فضل عائشة ﵄.
(٤) رواه ابن أبي الدنيا في "المحتضرين" (٩٠)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ٣٣٥)، =
1 / 158