[المؤلف] والجواب: إنه قد خاطب العرب بما تعرف وقد منعتم من تأويل القرآن وأوجبتم علينا الأخذ بالظاهر وإجراء الآيات على حقائقها والعرب لا تعرف غير ما تدين به العدلية في جميع مسائل الكلام من أن الفاعل العبد، وأن في الأفعال ما هو الحسن وما هو القبيح، وأن الظلم أخذك الغير بما لم يستحق .. إلى غير ذلك، ثم يقال: هل الظلم المحرم على العباد هو غير المحرم على الله أو لا؟ الأول باطل؛ لأنه لم يبين، والمقام مقام بيان؛ فتعين الثاني، وإلا لزم العبث في كلام الحكيم، بل إنكار الحكمة في أفعاله ومنكرها منكر للضرورة.
[ابن الوزير] قال رحمه الله : وقولهم: إن من لم يعرف الله تعالى بأحد الأدلة التي حرروها فهو جاهل بالله كافر وهذا يستلزم تكفير السواد الأعظم من المسلمين من الأولين والآخرين والأنصار والمهاجرين...الخ.
[المؤلف] أقول: هذا آخر ما سرده من التهجين وقصدنا رد رواية الخطأ عن شيوخنا وقد قدمنا بعض الأدلة على وجوب النظر.
أما قوله: يستلزم تكفير السواد...الخ إما مع القول بأن المولود يولد على الفطرة فلا يلزم ذلك البتة، وأما الصحابة فنقول: لا يخلو إما أن يكون إسلامهم إلهاما أو عن نظر، الأول باطل وإلا لما افتقر إلى بعثة الرسول صلى الله عليه وآله ودعاه لهم الفينة بعد الفينة وإتيانهم بالمعجزات فتعين الثاني، ثم لا يخلو إما أن تكون الأدلة الكلامية المحررة عقلية وقرآنية أم لا، إن كان الأول فهو المطلوب، أو الثانية فكتبهم على ظهر البسيطة منادية بكذب من ناكرهم في ذلك، ثم إن العقلي الموالف والمخالف لا يستقيم له الاستدلال والمناظرة وتحرير المقدمات والنتائج العلمية والعملية بدون النظر فتعين وجوبه وأن المخل به على جرف هار واتبع هواه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
أما من قال: إن الدليل كاف من السمع وأن العقل غير حجة.
صفحه ۹۸