ثم قال الشيخ رحمه الله تعالى ((وأيضا فأكثر من يوصف بالنصب يكون مشهورا بصدق اللهجة والتمسك بأمور الديانة بخلاف من يوصف بالرفض فإن غالبهم كاذب ولا يتورع في الأخبار)).اه وأقول: وهذه أيضا هفوة منه رحمه الله وغفلة عما ثبت عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الصحيحين والسنن وغيرهما في مروق الخوارج من الدين وفي ذمهم ومنه أنهم كانوا مسلمين فصاروا كفارا يمرقون من الدين ثم لا يعودون فيه وللتحذير من الاغترار بحالهم وما يظهرونه من التمسك والوعظ يحقر أحدكم صلاته في جنب صلاتهم وصيامه في جنب صيامهم يقولون من قول خير البرية يقرأون القرآن يقومونه كالقدح لا يتجاوز حناجرهم أو ما هذا معناه وهو كثير جدا ومجموعه يفيد القطع بذمهم وفسقهم إن لم يفد كفرهم وهل بعد بيان رسول الله بيان ولعل الشيخ سها عما تقدم نقلنا له من كتابيه (تهذيب التهذيب) و(لسان الميزان) من اعتراف بعض من تاب منهم بأنهم كانوا إذا هووا أمرا صيروه حديثا أفبعد هذا يسوغ أن يقال في كلاب النار وشر الخلق والخليقة كما في الحديث ما زعمه الشيخ آنفا ! حاشا وكلا بل الخوارج من أفسق خلق الله وأكذبهم والكذب من صفة المنافق { والله يعلم أن المنافقين لكاذبون } وهيهات أن يصح قوله: فأكثر من يوصف بالنصب إلخ وأنى بهذا في طائفة شأنها الكذب وقد حذرنا نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) من الاغترار بنسكها وأقوالها كما تقدمت الإشارة إليه.
هب أن الشيخ سامحه الله وعفا عنا وعنه عرف صدقا من بعض أفراد تلك الفرقة البغيضة فأي طائفة من البشر تخلو عن صادق وكاذب أو عمن يصدق أحيانا لغرض ما ومثل هذا لا يلزم منه أن يكون ما عرفناه من فرد أو نحوه أغلبيا في طائفته.
صفحه ۳۲