المعرفة الثالثة والأربعون
قال أهل الإسلام كافة: بأن نعم الله تعالى تتوالى على الأبرار والفجار، والمسلمين والكفار.
وقالت المطرفية: لا نعمة لله على كافر، ولا منه له على فاجر، وخالفوا بذلك الإجماع؛ لأنه ليس فيه نزاع، ولأنه لو لم يكن له على الفجار نعمة من النعم إلا أصولها نحو خلقهم وخلق الشهوة والتمكين من المشتهى، وإكمال العقل، وما يتفرع على ذلك من الجوارح الثابتة، والحواس المستقيمة، ومجاري الطعام والشراب للدخول والإخراج، فإن ذلك غاية الإنعام، وأكبر الأيادي والأقسام، كيف وقد قال ذو الجلال والإكرام: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}[إبراهيم:34] وقد قال مخاطبا للكفار: {أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون}[النحل :72] فبين أنه أنعم عليهم مع أنهم بنعمته كافرون، وقد قال حاكيا عن موسى عليه السلام: {ربنا إنك آتيت فرعون وملاه زينة وأموالا في الحياة الدنيا}[يونس:88] فبين أنه أنعم عليهم تبارك وتعالى مع الكفران وادعا الربوبية، وأعظم العدوان، وغير ذلك من القرآن.
صفحه ۲۷