ألا ترى أنّ عبّادا صحيح التّبير في حال انهزامه، وقد ترك القتال عن غير جبن، وترك القتال كي لا يقتل ضياعا، وعبّاد فارس النّاس غير مدافع.
وإيّاه يعني الشاعر حيث يقول:
من مبلغ عني نهيك بن محرز ... فدونك عبّادا أخا الحبطات
فدونكه يستهزم الجيش باسمه ... إذا خاضت الفرسان في الغمرات
والشاهد من الشعر على تقديم عبّاد على الفرسان كثير موجود.
ويكون الأعرابيّ شختا مهزولا [١]، ومقرقما ضئيلا [٢]، فيجعل ذلك دليلا على كرم أعراقه، وشرف ولادته.
قال الأصمعيّ: قلت لغلام أعرابيّ: مالي أراك ضعيفا نحيفا، وصغير الجسم قليلا مهزولا؟ قال: قرقمني العزّ [٣] .
وأنشدوا قول الآخر:
قد علمت أنّا أتاويّان ... من كرم الأعراق ضاويّان [٤]
وأنشدوا:
قرقمه العزّ وأضواه الكرم
_________
[١] الشّخت: الدقيق من كل شيء. وقيّده بعضهم بأنه الدقيق من الأصل لا من هزال.
[٢] المقرقم: البطىء الشباب، الذي لا يشبّ.
[٣] في البيان ٢: ٩٧ قول أبي الذيال شويس: «أنا والله العربي، لا أرقع الجربّان، ولا ألبس التّبّان، ولا أحسن الرطانة، ولأنا أرسى من حجر. وما قرقمني إلا الكرم» وانظر ما أثبت في حواشيه من تعليق.
[٤] الأتاويّ، بالفتح: الغريب لا يدرى من أين أتى. وأصله في السيل، وقيل أصله في الرجل. والضاوي: النحيف المهزول.
1 / 43