وليس العجب في قوله إنّ الأعراق تضوي، وإنّما العجب في قوله:
إنّ العزّ يقرقم؛ لأنّ الأوّل قد قال:
فتى لم تلده بنت عمّ قريبة ... فبضوى، وقد يضوى رديد القرائب [١]
وقال الأسديّ:
ولست بضاويّ تموج عظامه ... ولادته في خالد بعد خالد [٢]
تقارب من آبائه أمّهاته ... إلى نسب أدنى من الشّبر واحد
وفي أخوات أنكحوهنّ إخوة ... مشاغرة فالحىّ للحيّ والد [٣]
وهذا كثير. والضّوى في البهائم أوجد منه في الناس [٤] . فليس العجب من ذكرهم الضّوى إذا تردّدت الأولاد في القرابات، وإنّما العجب في قولهم: العزّ يقرقم؛ لأنّ الأعرابيّ حين ابتلي بالدّمامة والقلّة [٥]، ثقل عليه أن يقرّ بالذّلّة والضّعف، فاحتجّ لذلك وأحال النّاس على معنى لا يدركونه بالمشاهدة. وهذا من ذكائه ودهائه.
_________
[١] هذا صواب ما فى اللسان (ردد) ففيه: «رد يد الغرائب» لكنه جاء على الصواب كما هنا في اللسان (ضوا) . وانظر سمط اللآلي ٨٧١ حيث ورد في حواشيه نسبته إلى النابغة.
[٢] الضاويّ: النحيف الجسم. وهو بتشديد الياء على وزن فاعول. ويقال في الوصف أيضا: ضاو، على وزن فاعل.
[٣] سيأتي في ص ٣٦٤ «بنى أخوات» . والشاغرة: الشغار، وهو نكاح كان في الجاهلية، يزوج الرجل صاحبه امرأة ما على أن يزوّجه الآخر أخرى بغير مهر. وخصّ به بعضهم القرائب، فينكح الرجل وليّته الآخر على أن يزوجه الآخر وليّته. وفي الحديث: «لا شغار في الإسلام» وفي الأصل في الموضعين: «مساعرة»، والصواب ما أثبت. وفي البيت كما ترى إقواء.
[٤] في الأصل: «أوجد منها في الناس» .
[٥] يعني الضآلة.
1 / 44