وغمغمت موردة الوجه: لسن مثلي ولست مثلهن!
هذا حق، ولعل زملاءه لم يقتصدوا في توكيد هذا، ولكنها لا تدري ماذا تقول! وتفكر فيما ينطوي عليه قولها من سخرية لم تدر لها بخلد، وقبل أن يتكلم عجلت هي بتغيير مجرى الحديث فسألته: أذاهب أنت إلى السينما؟
وأدرك أنها تهيئ له فرصة ليدعوها للذهاب معه، وساوره إحساس بالضيق ولكن إشفاقه كان أكبر من حرجه فقال: كلا، سأوافي بعض الزملاء إلى موعد سابق!
وخفضت عينيها في خجل، ثم ساد صمت أليم، وأخيرا سألته بلهجة ذات معنى: ماذا أحدث ذهابنا معا إلى السينما في بيتك؟
ووجد فيما تعنيه بسؤالها عذرا ينفعه في تجنب ما يريد تجنبه فقال: لا شيء ذا بال، إلا أن والدتي ساءها أن أدعوك إلى مخالفة تقاليد أسرتك المحترمة!
فقالت ببرود: ليس مما يسيء إلى الأسر المحترمة أن يذهب فتياتها إلى السينما! - كما لا يسيء إليها العناق والقبل، ولكنك - مثل أمي - لا تصدقين!
فتجاهلت إشارته وتساءلت: هل منعتك من العودة إلى تلك المخالفة؟! - كلا! ولكنها تخاف أن أسيء من غير قصد إلى أسرتك الكريمة. - ألم تخبرها بموافقة والدي ؟ - أخبرتها ولكنها اعتقدت أنهما وافقا متورطين. - هل أفهم من هذا أننا لن نخرج معا بعد اليوم؟
ولم يستطع أن يجابهها بما يبطن فقال: بل نخرج حين نشاء.
وندم على قوله إثر التفوه به، أما هي فابتسمت في حياء وقالت بصوت منخفض: ظننت أننا سنذهب اليوم إلى السينما!
وعجب لهذه الدعوة تجيء من ناحيتها هي، ومع أنه رق لها إلا أنه لم يستسلم لعاطفته فقال: لولا أنني مرتبط بموعد كما قلت لك. - آه .. هذا أهم من ذهابي معك! - ليس الأمر كذلك، لكن سبق مني وعد! .. ثم .. ثم لا يجمل بنا أن نعاود ما تظنه أمي مخالفة للتقاليد بهذه السرعة!
صفحه نامشخص