ولما وصلت هذه الأخبار المكية، والحركات الرومية، وبلغت البلاد الحجازية إلى الإمام وأولاده، وكانوا في غفلة عظيمة، وذهول عن شيئ من هذه الحوادث التي لا تخفى على أهل الفكر السليمة، فانتبهوا عند ذلك من الغفلة، وظهر معهم كواذب تلك الآمال المتقدمة، بعد أن كان قبل ذلك إذا قيل لهم الأروام لا ينبغي تحريك جهات السلطان، أجابوا بأنهم قد ركوا وضعفوا وليسوا الآن كما كانوا. وهكذا أجاب به الإمام علي لما نصحته نصيحة هي في التحقيق عامة لصلاح الإسلام وقلت له: الأولى طي الأسباب الفاتحة لأطراف بلاد السلطان، فلما كان الأمر كذلك حارت بهم الأفكار، وتبلدت[23/ب] القرائح والأنظار حتى أن الإمام كتب إلى أحمد بن الحسن وولده محمد يطلب شورهم وما يكون من أمرهم، فأجابوا عليه أن التغافل أولى، والسكون والتسكين أحرى، وغاية الأمر أن يسكن فرحان بعد عوده من الحج بأبي عريش، فأصابوا من الرأي بعضه بعد من (وطاهم أوله). ولما وصل فرحان إلى أبي عريش سار الذين معه من الحجاج بيوتهم، ولم يبق معه إلا جماعة قليلة فتقدم، فلما وصل فرحان إلى حضرة الإمام من طريق تهامة وطلع من بيت الفقيه إلى ضوران هدأت الأمور يومئذ، ووصل خبر تحقيق الحج بمكة، فأخبروا أن الحج تم للناس، والبيع والشراء والأمان أحسن مما كان؛ لأجل ضبظ العساكر.
صفحه ۳۲۶