وكان بينه وبين باشا مصر مصافاة كاملة، وأحوال صالحة، فكان عونا للشريف زيد في مقاصده وسد خلله، وكان الشريف زيد عاقلا قد بلغ عمره إلى عشر السبعين. ولقد حكى بعض من كان يخالط الأمير المصري رضوان تلك الأيام، وكان رضوان هذا كبير السن أيضا، فقال الأمير رضوان لذلك الرجل: ما سبب هذا العسكر من صاحب اليمن؟ فإن هذا البيت من دخله كان آمنا فلا يحتاج إلى مثل ذلك، ولا يخشى يصد عن الدخول ولا شيء من المهالك، فأجاب الرجل بأن قال: ليس هذا لأجل دخول مكة وحجها، ولا لشئ من أمرها، فإن الأمر كما ذكرتم، وإليه أشرتم[22/ب]، وإنما ذلك لأجل حفظ الحاج في الطريق من الحرامية ومن يريد الأذية، فسكت الأمير. وكان الشريف زيد يداري الأمراء، فطفي ذلك في وقته الخلل وصفى بعد ذلك السبب الأصلي، سبب آخر وهو ما جرى من قضية حمود في الصفراء عقب موت زيد بن محسن من تلك الفعلة التي تقدم ذكرها وشرحها. وكان قبلها ما جرى بين سلطان البصرة حسين وبين باشا الحسا عيسى بن علي باشا من الإختلاف، كما سبق ذكره، وما رفعه الباشا عيسى من العروضات والشكوى بعد هربه إلى مكة أيام زيد بن محسن، فكان هذا أول أسباب انقلاب نظر السلطان محمد بن إبراهيم بن عثمان إلى الجهات الجنوبية والجهات الحجازية المكية، فأزال الباشا حسين صاحب البصرة، كما سبق ذكره، ثم لما كان قصة حمود في الصفراء كما سبق ذكره فأرسل الباشا حسن إلى مكة، وهو من جملة من كان بمالطة [23/أ]، فكان من أمره ما كان، وكان السبب الثالث: هو ما وقع معه من تلك القضية المتوجبة لهذه الأحوال المتغيرة لأشراف مكة السابقين، وإزالة دولة سعد عنها وتحويلها إلى من ذكرنا فيها. ولله الأمر من قبل ومن بعد، وما قد علم الله وسبق كان.
صفحه ۳۲۵