ودخلت سنة ثلاث وثمانين وألف
في غرة محرمها كان استهلالها بالخميس بالحساب، ولعله بالرؤية كذلك، واتفق عند ذلك حلول زحل آخر برج الحوت، واتفق قران[21/ب] الزهرة وزحل ببرج الحوت.
والشريف سعد يومئذ خاف من الأمور التي وقعت، والأفعال التي صدعت مما وقع في البيت الحرام، ومن جعله الله أمانا للإسلام، وما وقع فيه من الآثام، وقتل النفوس تلك الأيام، وتروع باله، وخشي من الوثوق به وقطع حباله، فما زال أيام الحج يبعد ويقرب وهو على حذر، خشية أن يقع به الظفر، فوصل عرفات وهو غير آمن ثم نزل إلى منى، وأصبح يوم النفر الأول هاربا إلى جبل الطائف، ولم يتفق بأحد من الأمراء والبوايش، للخوف معه والوجل، وما قد حذره بعض أصحابه من الوقوع في الخلل. فلما هرب حصل عند ذلك من قبائل هذيل النهب لمن لحق في أعقابه بوادي نعمان ، وكان من جملة اللاحقين النافرين بعد تمام الحج إلى عصبة من حجاج اليمن، فانتهبتهم قبائل هذيل وخلسوهم حوائجهم وقتل منهم جماعة، لم يسلم ما عليه من ثيابهم. وكان زيد بن محسن لا يرضى ساعة الدخول بأمير حاج من اليمن[22/أ] إلا أن الإمام أرضاه بما يدفع إليه من الهدية صحبة الحاج اليماني من المال، فسكت عند هذا وتغاضى، وأجاز الداخل مع كراهته في الباطن توقيا من ظهوره عند السلطان وما يخشاه منه إذا تحقق أمره وبان، غير أنه ما زال مع ذلك يكاتب السلطان، ويدفع عنه جميع الأوهام ويدري كل ما ظنه في جميع الأزمان.
صفحه ۳۲۴