وفي هذه الأيام ارتفع سعر مكة؛ لأجل تناقص السياق من جدة، فقيل: إنه بلغ القدح إلى خمسة حروف. وتفرق كثير من أهل مكة يومئذ في الآفاق، وكذا من أهل[16/ب] المدينة أيضا والحجاز، فمنهم من سار إلى تهامة وزبيد وبيت الفقيه ، ومنهم من طلع الجبال بأولادهم، ومنهم من طلع بلاد الطائف ونجد.
وفي شهر جمادى الأولى خسفت القمر في برج الحوت بعد طلوعها بساعة، فطمس الخسوف جميع جرمها أوله بسواد ثم تغشاها بحمرة، وكان الخسوف بالرأس بمصاحبة زحل، ومقابلة المريخ للكسوف بالسنبلة، واستمر الخسوف وقتا طويلا، منهم من يقول: ست ساعات، ومنهم من يقول: خمس.
وفي هذه السنة تغير حساب أهل الذمة من اليهود -لعنهم الله- في مواقيت أعيادهم على الشهور الرومية، فقدموه على وقته بقدر شهر كامل، جعلوا سبت السبوت هذه السنة في أول شهر جمادى الأولى، وهو في آخره على حساب جدول الحاصي وغيرها، فدل على تخليط حصل معهم، ورجعوا في العام الثاني إلى الواقع، والعام الثالث رجعوا إلى التقديم، كهذه السنة بشهر، وكذلك عيد الفطر خلطوا فيه تخليطا كثيرا، فهو يكون مستمرا بعد فصل الصيف، فجعلوه في بعض هذه السنة آخر الصيف عند سقوط الثريا وغروبها، وإنما يكون عيد الفطر عند غروب الظافر وطلوع السماك بعد الصيف.
وفي شهر جمادى الثاني وصل السيد عبد الكريم بن باز من عتود، ومعه قدر ثلاثين نفرا وافدا إلى الحضرة العالية للإمداد بالسلاح والمال، ليستعين به على البقاء في عتود ودفع القبائل وتنفيذ أمر الشريف؛ لأنه ولاه هذه السنة لعتود وأمره بالبقاء فيها، فبقي عند الإمام خمسة أشهر ، ثم زلجه الإمام في شوال، وأعانه بما طلب وسار[17/أ].
صفحه ۳۱۶