فإن الرزق يجلب له مصالح دنياه وأخراه ويجمع رزق بدنه ورزق قلبه وروحه ، وهو أفضل الرازقين.
والعافية تدفع مضارها.
والهداية تجلب له مصالح أخراه.
والمغفرة تدفع عنه مضار الدنيا والآخرة.
والرحمة تجمع ذلك كله. والهداية تعم تفاصيل أموره كلها.
وشرع له أن يعود ساجدا كما كان ، ولا يكتفي منه بسجدة واحدة في الركعة كما اكتفى منه بركوع واحد ؛ وذلك لفضل السجود وشرفه وقرب العبد من ربه وموقعه من الله عز وجل ، حتى إنه أقرب ما يكون إلى ربه وهو ساجد ، وهو أشهر في العبودية وأعرق فيها من غيره من أركان الصلاة ؛ ولهذا جعل خاتمة الركعة ، وما قبله كالمقدمة بين يديه ، فمحله من الصلاة محل طواف الزيارة ، وكما أنه أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فكذلك أقرب ما يكون منه في المناسك وهو طائف كما قال ابن عمر لمن خطب ابنته وهو في الطواف فلم يرد عليه فلما فرغ من الطواف قال : أتذكر أمرا من أمور الدنيا ونحن نتراءى لله سبحانه وتعالى في طوافنا.
ولهذا والله أعلم ، جعل الركوع قبل السجود تدريجا وانتقالا من الشيء إلى ما هو أعلى منه.
لماذا يكرر السجود مرتان
وشرع له تكرير هذه الأفعال والأقوال ؛ إذ هي غذاء القلب والروح التي لا قوام لهما إلا بها ، فكان تكريرها بمنزلة تكرير الأكل لقمة بعد لقمة حتى يشبع ، والشرب نفسا بعد نفس حتى يروى ، فلو تناول الجائع لقمة واحدة ثم دفع الطعام من بين يديه فماذا كانت يغني عنه تلك اللقمة ؟ وربما فتحت عليه باب الجوع أكثر مما به ؛ ولهذا قال بعض السلف : " مثل الذي يصلي ولا يطمئن في صلاته كمثل الجائع إذا قدم إليه طعام فتناول منه لقمة أو لقمتين ماذا تغني عنه ذلك".
صفحه ۲۲