القرآن مداره على هذه الكلمة وتأمل علم كيف يدور القرآن كله من أوله إلى آخره عليهما ، وكذلك الخلق ، والأمر والثواب والعقاب والدنيا والآخرة ، وكيف تضمنتا لأجل الغايات ، وأكمل الوسائل ، وكيف أتى بهما بضمير المخاطب الحاضر ، دون ضمير الغائب ، وهذا موضوع يستدعي كتابا كبيرا ، ولولا الخروج عما نحن بصدده لأوضحناه وبسطناه ، فمن أراد الوقوف عليه فقد ذكرناه في كتاب : "مراحل السائرين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين " وفي كتاب " الرسالة المصرية ".
ضرورة العبد لقوله {اهدنا الصراط المستقيم }
ثم ليتأمل العبد ضرورته وفاقته إلى قوله { اهدنا الصراط المستقيم } الذي مضمونه معرفة الحق ، وقصده وإرادته والعمل به ، والثبات عليه ، والدعوة إليه ، والصبر على أذى المدعو إليه فباستكمال هذه المراتب الخمس يستكمل العبد الهداية وما نقص منها نقص من هدايته.
ولما كان العبد مفتقرا إلى هذه الهداية في ظاهره وباطنه ، بل وفي جميع ما يأتيه ، ويذره من :
أنواع الهدايات التي يفتقر لها العبد
* أمور فعلها على غير الهداية علما وعملا وإرادة ، فهو محتاج إلى التوبة منها وتوبته منها هي من الهداية.
* وأمور قد هدي إلى أصلها دون تفصيلها فهو محتاج إلى هداية تفاصيلها.
* وأمور قد هدي إليها من وجه دون وجه ، فهو محتاج إلى تمام الهداية في كمالها على الهدى المستقيم ، وأن يزداد هدى إلى هداه.
* وأمور هو محتاج فيها إلى أن يحصل له من الهداية في مستقبلها مثل ما حصل له في ماضيها.
* وأمور هو خال عن اعتقاد فيها فهو محتاج إلى الهداية فيها اعتقادا صحيحا.
* وأمور يعتقد فيها خلاف ما هي عليه ، فهو محتاج إلى هداية تنسخ من قلبه ذلك الاعتقاد الباطل ، وتثبت فيه ضده.
* وأمور من الهداية : هو قادر عليها ، ولكن لم يخلق له إرادة فعلها ، فهو محتاج في تمام الهداية إلى خلق إرادة.
صفحه ۱۶