[الفائدة الخامسة عشرة: في التحسين والتقبيح العقليين]
قال المهدي: الحسن ما ليس بقبيح، ولفاعله فيه غرض صحيح، فخرج فعل الساهي وغير المكلف، وما لم يقصد كانخفاض الرمل عند المشي، فكل ذلك لا يوصف بحسن ولا قبح، وأقرب منه قول الإمام القاسم بن محمد: هو ما لا عقاب عليه، فيدخل في ذلك الواجب والمندوب والمباح.
وأما القبيح فأحسن ما حد به قول الإمام القاسم بن محمد حيث جعله ضد الحسن، فهو ما يعاقب فاعله، وقد يزاد فيه على بعض الوجوه للاحتراز عن الصغائر إن لم تكن من مرتكب الكبيرة أو من المصر عليها فإنها قبيحة، ولا يعاقب عليها؛ لأنها مكفرة لقوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } [النساء:31]، أما إذا كانت من مصر فإنه يعاقب عليها؛ لقوله تعالى: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ...}الآية [الكهف: 49]، واحترز به أيضا عن القبائح الواقعة من الملجأ، ومن لا تكليف عليه فإنها قبائح، ولا يستحق العقاب عليها، وقد دخل في الحد الإخلال بالواجب؛ فإنه يسمى قبيحا.
وأما المهدي فقال: القبيح لغة من صفات الأفعال؛ إذ لا يقال: نفي قبيح، بل فعل قبيح، وإطلاقه على الإخلال بالواجب مجاز تشبيها للترك بالفعل، وإنما استحق على الإخلال بالواجب عقابا؛ لكونه معصية لا لكونه يسمى قبيحا، وإنما كان القبح مختصا بالأفعال؛ لأنه مسبب عن وجه يقع عليه، والنفي لا يعقل فيه اختلاف وجوه وقوعه؛ لأن وقوعه غير متجدد إذ الأصل النفي.
صفحه ۱