ومنهم:
الجارود بن عمرو بن جابر العبدي
روى زيد بن أرقم أن الجارود كان رجلا نصرانيا، حسن المعرفة بتفسير الكتب وتأويلها وبألسن العرب وأقاويلها، بصيرا بالفلسفة والطب، ظاهر الزهادة والأدب، ثم إنه قدم وفد من إياد على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله في نفر من عبد القيس ذوي أزاء وأشنان، فمثل الجارود بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنشاء يقول:
يا نبي الهدى إليك رجالا .... قطعت حزن أرضها والأفالا(1)
وطوت نحوك الدكادك تهوى .... لا يعد الكلال فيك كلالا
تبتغي دفع بأس يوم عصيب .... هائل أوجع القلوب فهالا
ومزارا لأكرم الناس طرا .... وفراقا لمن تمادى ضلالا
نحو نور الإله برهان ربي .... مرسل منه بالهدى إرسالا
خصك الله يابن آمنة الخير .... إذا ما أتت سجال سجالا
فامنح النصح منك يا حجة الله .... لتهدي معاشرا ضلالا
وعليك السلام ما وكف القطر .... فأروى سهولها والجبالا
فأقبل عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله بوجهه فقال: ((يا جارود، لقد تأخر بك الموعود)).
فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أما من رءاك أوسمع بك وتخلف عنك فقد فاته حظه منك وذلك من أكبر حوبه وأعظم ذنوبه، وماكنت ممن رآك وسمع بك فقعد عنك واتبع سواك، لقد كان لي دين عملت عليه قبل مبعثك فهأنا ذا تاركه بين يديك وذلك مما يدحض الذنب والمآثم، ويرضي الرب عن المربوب.
صفحه ۳۸