قال النبي صلى الله عليه وآله: ((وأنا ضامن لك يا جارود، فاخلص لله بالوحدانية، واترك عنك دين النصرانية)).
قال: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله، فأسلم هو وأصحابه، وحسن إسلامهم، ومنهم:
قس بن ساعدة الإيادي
قال زيد بن أرقم في تمام هذا الخبر: ثم أقبل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عليهم وقال: ((ياجارود، هل فيكم من يعرف قس بن ساعدة الإيادي)).
قال: مامنا يا رسول الله إلا من يعرفه، وإني من بينهم لعارف بخبره، واقف على اثره، كان والله سبطا من أسباط العرب، عارفا بالروايات والكتب، وعاش ستمائة عام لم يأخذه في الله كسل ولا ونى(1)، فتقفر منها مائتي عام يأنس بالهوام ويستمتع بالظلام، ويتحسا في سياحته بيض النعام، ويلبس الإمساح، ويمشي مع التمساح معلنا بالتسبيح على منهاج المسيح، لا يجنه دار ولا يعرف له قرار، إلى قوله:
أدرك رأس الحواريين شمعان(2) أول رجل آمن بالله عند فترة المرسلين والنبيين، وآمن بالبعث والحساب، وحذر من سوء المآب، وأمر بالعمل قبل الموت، وبادر بالتوبة قبل الفوت، إلى قوله: وخطب راكبا ووعظ دائبا، وأعذر في خطبته، وأوجز في موعظته، وأرسل رسائلا، وحذر هائلا، وجاول الدهر، وجانب الكفر، ودعى إلى الإلهية ودين الوحدانية، وأنت كنت أكبر همه يدبر(3) فيك أمره وفكره، يخبرنا بأوانك، ويبشرنا بزمانك، وهو الذي قال: بذكر ملوك اليمن، أفأنشدك من قيله.
صفحه ۳۸