مداواة النفوس

ابن حزم d. 456 AH
66

مداواة النفوس

الأخلاق والسير في مداواة النفوس

پژوهشگر

بلا

ناشر

دار الآفاق الجديدة

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م

محل انتشار

بيروت

إِن أمكنه ذَلِك فَإِن لم يقدر على ذَلِك امتدح بِلِسَانِهِ وَاقْتصر على ذمّ النَّاس والاستهزاء بهم وَقد يكون الْعجب لغير معنى ولغير فَضِيلَة فِي المعجب وَهَذَا من عَجِيب مَا يَقع فِي هَذَا الْبَاب وَهُوَ شَيْء يُسَمِّيه عامتنا التمترك وَكَثِيرًا مَا نرَاهُ فِي النِّسَاء وفيمن عقله قريب من عقولهن من الرِّجَال وَهُوَ عجب من لَيْسَ فِيهِ خصْلَة أصلا لَا علم وَلَا شجاعة وَلَا علو حَال وَلَا نسب رفيع وَلَا مَال يطغيه وَهُوَ يعلم مَعَ ذَلِك أَنه صفر من ذَلِك كُله لِأَن هَذِه الْأُمُور لَا يغلط فِيهَا من يقذف بِالْحِجَارَةِ وَإِنَّمَا يغلط فِيهَا من لَهُ أدنى حَظّ مِنْهَا فَرُبمَا يتَوَهَّم إِن كَانَ ضَعِيف الْعقل أَنه قد بلغ الْغَايَة القصوى مِنْهَا كمن لَهُ حَظّ من علم فَهُوَ يظنّ أَنه عَالم كَامِل أَو كمن لَهُ نسب معرق فِي ظلمَة ونجدهم لم يَكُونُوا أَيْضا رفعاء فِي ظلمهم فتجده لَو كَانَ ابْن فِرْعَوْن ذِي الْأَوْتَاد مَا زَاد على إعجابه الَّذِي فِيهِ أَو لَهُ شَيْء من فروسية فَهُوَ يقدر أَنه يهْزم عليا ويأسر الزبير وَيقتل خَالِدا أَو لَهُ شَيْء من جاه رذل فَهُوَ لَا يرى الْإِسْكَنْدَر على حَال أَو يكون قَوِيا على أَن يكْسب مَا يتوفر بِيَدِهِ مويل يفضل عَن قوته فَلَو أَخذ بقرني الشَّمْس لم يزدْ على مَا هُوَ فِيهِ وَلَيْسَ يكثر الْعجب من هَؤُلَاءِ وَإِن كَانُوا عجبا لَكِن مِمَّن لَا حَظّ لَهُ من علم أصلا وَلَا نسب الْبَتَّةَ وَلَا مَال وَلَا جاه وَلَا نجدة بل ترَاهُ فِي كَفَالَة غَيره مهتضما لكل من لَهُ أدنى طَاقَة

1 / 76