بارعن مثل الطور تحسب أنه ... وقوف لحاج والركاب تهملج ... فالقمر ليس بسطح مبسط خفيف يمكن النزول فيه والخروج منه وأين تبقى السفينة الفضائية وقت نزول أصحابها إلى القمر وفي أي مكان تنتظرهم ومتى يتمكنون من العودة إليها وهل في إمكاننا أن نراهم في التلفزيون حين يخرجون من تلك السفينة في الصاروخ الذي يحملهم إلى سطح القمر وفي حين نزولهم إليه ومنامهم فيه حتى أن في استطاعتنا أن نناديهم ونوقظهم ولكننا نتركهم هنالك يأخذون راحتهم ويتمتعون في ذلك السطح الكثيف ليتمكنوا من وصف ما هنالك من صنع عجيب ووصف بديع فينقلونه لنا حتى نصير على بصيرة مما وجدوه هنالك فيتسنى لنا الصعود إليه بأسهل شيء بعد العلم بالأمور والأنساب الموصلة إليه فما هذه منهم إلا تخيل وتضليل ليفتنوا الذين آمنوا ويردوهم عن بصيرتهم وليلبسوا عليهم دينهم وإنما المقصود من ذلك تكذيب القرآن والرسول بأن هنالك سماوات طباقا فيها عوالم نورانية غير عوالم الأرض لا يمكن الاتصال إليها وقد زعموا في تمويههم على أصحاب الإيمان الضعيف أن الله تعالى قد أشار إلى هذه الصعود الذي استطاعوه الآن بقوله تعالى يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان وأن النفوذ إلى ذلك بسلطان وهو العلم الذي حصل لهم ولقد ضلوا عن فهم معنى الآية ففسروها بما لا يطابقها إضلالا ولا تلبيسا على العوام وضعفاء اليقين ممن اغتروا بهم وافتتنوا بعلمهم وبما استطاعوه من الأعمال الفارقة للعادات مما لم يكن يخطر بالبال وإنما تأويلها كما نص عليه جار الله وغيره إن استطعتم أن تهربوا من قضاء الله وتخرجوا من ملكوته ومن سمائه وأرضه فافعلوا ثم قال إنكم تقدرون على النفوذ أي على الهروب من قضائه وقدره إلا بسلطان أي إلا بقوة وقهر وغلبة وأن لكم ذلك ونحو هذا قوله جل شأنه وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء ولا يحتمل تأويلها على ما صوروه جريا على ما تهواه أنفسهم وقد سبقهم إلى هذا فرعون لما أراد يوهم أتباعه الأغبياء بأنه يستطيع الصعود إلى السماء حين أمر وزيره هامان أن يبني له صرحا عاليا من الآجر ليطلع إلى إله موسى وما أظنه يجهل تعذر الصعود إليها واستحالته عقلا ولكن أراد أن يخيل لقومه أنه قادر على كل شيء فيقوى إقرارهم بربوبيته ولا يزال الآخر يحذو حذو الأول كما دل عليه الحديث وأن الأعجب من جماعة من فضلاء المسلمين الذين نعدهم الراسخين في العلم والسابقين في الإيمان فضلا عن العوالم اتباع كل ناعق كيف صاروا يميلون إلى تصديق هؤلاء الدجالين فيما زعموا الاتصال إلى القمر والنزول في سطحه بغير حجة ولا دليل إلا من قولهم وزعمهم مع علمه بأنهم لو شهدوا على مسلم بدانق لما قبلته شهادتهم فكيف تقبل مقالتهم بأنهم وصولا إلى القمر وإلى الكواكب السيارة إن هذا إلا بهتان عظيم فأنى لهم التناوش من مكان بعيد وإذا ثبت أن القمر في إحدى السماوات السبع الطباق لما ذكرناه من الأدلية فعلينا أن نؤمن بما خبرناه به ربنا فيك كتابه العزيز بأنه قد جعل السماء سقفا محفوظا أي من كل شيطان رجيم كما دل عليه قوله وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين وقوله عزوجل وحفظناها من كل شيطان مارد واسم الشيطان يعم كل شيطان من الجان والمردة وكل متشيطن من الإنس مثل هؤلاء الدجالين وقد تنبه لهم العلامة المحقق الشيخ محمد الأمين ابن محمد المختار ففي هذه الخرافات الباطلة في تفسيره الجليل الذي ( ... ... ) أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن حيث قال في تفسيره لسورة الحجر ( ... ... ) من هذه الآيات التي ذكرنا أن ما يتشدق به أصحاب الأقمار الصناعية من أنهم سيصلون إلى السماء ويبنون على القمر كله كذب ويشقشقه لا طائل تحتها ومن اليقين الذي لا شك فيه أنهم سيقفون عند حدهم ويرجعون خاشعين أذلاء عاجزين فارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ووجه دلاله الآيات المذكورة على ذلك أن اللسان العربي الذي نزل به القرآن على طلاق اسم الشيطان على كل عادات متمرد من الجن والإنس والدواب ومنه قوله تعالى وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم الآية وقوله وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ومنه قوله صلى الله عليه وسلم الكلب الأسود شيطان وقول جرير:
صفحه ۲۸