إياك والإفراط في الغضب اعلم أن من الناس ناسا كثيرا يبلغ من أحدهم الغضب ، إذا غضب ، أن يحمله ذلك علىالكلوح والقطوب في وجه غير من أغضبه ، وسوء اللفظ لمن لا ذنب له ، والعقوبة لمن لم يكن يهم بمعاقبته ، وشدة المعاقبة باللسان واليد لمن لم يكن يريد به إلا دون ذلك . ثم يبلغ به الرضى ، إذا رضي ، أن يتبرع بالأمر ذي الخطر لمن ليس بمنزلة ذلك عنده ، ويعطي من لم يكن يريد إعطاءه ، ويكرم من لم يرد إكرامه ولا حق له ولا مودة عنده .
فاحذر هذا الباب الحذر كله ! فإنه ليس أحد أسوأ فيه حالا من أهل السلطان الذين يفرطون باقتدارهم في غضبهم ، وبتسرعهم في رضاهم . فإنه لو وصف بهذه الصفة من يلتبس بعقله أو يتخبطه المس أن يعاقب عند غضبه غير من أغضبه ويحبو عند رضاه غير من أرضاه لكان جائزا ذلك في صفته .
صفحه ۳۰