وكذلك التأسي يحتاج فيه إلى معرفة وجه الفعل حتى تتم الموافقة، ألا ترى أن موسى (عليه السلام) لو تأسى بالخضر فقتل غلاما آخر قبل أن يعرف وجه قتل الغلام الذي قتله الخضر، أو خرق سفينة أخرى قبل أن يعرف السبب في خرق السفينة التي خرقها الخضر لكان مخطئا إذا لم يوافقه في المعنى وإن وافقه في الصورة؟ وهذا لأن حديث أبي الهياج في قبور مخصوصة وهي التي بعث إليها علي (عليه السلام) والتي بعث إليها أبو الهياج، وذلك لا يعم كل قبر سيكون في الزمان المستقبل، ولكنه يقاس على تلك القبور ما شاركها في علة الحكم، فان كانت العلة أن أهلها مشركون أو جاهليون سويت قبور المشركين أو الجاهليين تسوية تلك القبور. وإن كانت العلة غير ذلك قيس عليها ما شاركها في العلة متى عرفت العلة، فان جهلت العلة ترك القياس. فإن زعم الغلاة من مدعي التوحيد أنهم قد عرفوا العلة فليأتوا بحجة على ما زعموه، فإن لم يكن عندهم حجة فلماذا يحتجون به لهدم قبور الأولياء والصالحين؟ يحتجون بهذا الحديث الذي لا يدل على مذهبهم ويدعون على من يرى بقاءها أنه خالف المشروع وأنه لا يحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا عليا(عليه السلام)وأنه مناقض لمقاصد الشرع. مع أن المسألة مما تختلف فيها الأنظار. وليس لهم أن يدعوا الناس إلى تقليدهم لأنه لا يجوز تقليدهم لأنهم غلاة متهمون في هذا الباب وغيره. فكيف وهم يزعمون أنه لا يجوز التقليد؟ وكيف يلزمون برأيهم من لا يرى رأيهم؟ وذلك دعوة إلى التقليد لو كانوا يعلمون.
Página 8