والجواب: ان ابا الهياج ليس بالمشهور بحيث يكون حديثه حجة ينكر على من خالفه، وقد قال السيوطي في حاشية سنن النسائي: ليس له في الكتب إلا هذا الحديث، ولا نعلم احدا وثقه إلا ابن حبان روي أنه وثقه، وقد ظهر من مذهبه توثيق المجاهيل كما قدمناه، وإلا العجلي، روي أنه وثقه وهو يكثر توثيق التابعين، ولعل مذهبه فيهم مثل مذهب ابن حبان في الجملة. أعني لعل مذهب العجلي توثيق التابعي المجهول لأجل حديث: «ثم الذين يلونهم... ».
والحاصل أنه لا يقلد في توثيقه لأنا لا ندري ما مذهبه في التوثيق، بل العجلي غير موثوق به عندنا.
مع أن تلك القبور يحتمل أنها كانت قبور مشركين، وإذا كانت كذلك فلا حق لأهلها في التعظيم فلذلك ينبغي إزالة ما فيها من تعبير عن شرفهم من شرف أو تسنيم، وذلك تسويتها في حقهم. ولا يقاس عليها قبور المسلمين لقول الله تعالى: ((أفنجعل المسلمين كالمجرمين {35} ما لكم كيف تحكمون)) ويحتمل أنها قبور مجهولة، من عهد الجاهلية فكان الأصل فيها أن تجري مجرى قبور الكفار.
فإن قيل: إن القبور لا نعلمها نحن ما هي وما سبب الأمر بتسويتها، فلا يصح دعوى أنها قبور المشركين أو من أهل الجاهلية المجهولين.
قلنا: إذا كنا لا نعلمها نحن ما هي وما سبب تسويتها المذكورة، فلا يقاس عليها غيرها حتى يعرف ما سبب حكمها، لأن القياس يتوقف على معنى العلة، إذ تعميم الحكم بدون عموم اللفظ إنما هو في الحقيقة ضرب من القياس.
Página 7