اتفق بعد معاودة أبي العباس تاش إلى بخارى أن قضى مؤيد الدولة نحبه، ولقي ربه. وقبل انقضاء الحرب التي كانت بينهما، ما «3» دهاه الخبر بموت عضد الدولة أخيه، [35 أ] فتماسك عن إظهار المصاب أناة بالخطب الذي كان أمامه حتى يكفيه بحفيظته المرة، ويقضيه بعزيمته المستمرة «4». وتشاور أولياء تلك الدولة فيمن ينتصب منصبه، ويسد في الرئاسة مسده، فأشار الصاحب إسماعيل بن عباد إلى فخر الدولة إذ لم يكن في ذلك البيت أحق منه بالإمارة، وأتم استقلالا بأعباء الرئاسة والسياسة سنا وكفاية منه، فطيروا البريد إليه في البدار إلى ما أورثه الله تعالى من عقيلة الملك، وذخيرة الملك، عفوا «5» لا منة لأحد عليه، ولا حق لإنسان يختم لسانه بشكره «6». واستخلفوا أخاه أبا العباس خسرو فيروز «7» بن ركن الدولة على ضم المنتشر، وتقويم المتأود «8» إلى أن يلحق بهم، فيتولى تدبير ما يليه، ويتولى عنه تحرير ما ينشئه برأيه ويمليه.
وبادر فخر الدولة من نيسابور إلى جرجان تطاير البرق بين جناحي الأفق، فاستقبله العسكر خاضعين طائعين، وعلى صدق الممالأة والموالاة مبايعين. وتبوأ مقعده من سرير الملك وارثا ما أوصى له به أبوه «1»، وسائر ما كان يدبره أخوه «2»، كذلك يؤتي الله الملك من يشاء وينزع الملك «3» ممن يشاء «4» وهو الفعال لما يريد. ولقد أحسن أبو بكر الخوارزمي حيث [35 ب] يقول في قصيدة يرثي فيها مؤيد الدولة ويعزي ويهنى ء فخر الدولة «5»:
رزئت أخا لو خير المجد في أخ ... من الناس طرا «6» ما عداه ولا استثنى
وقد جاءت الدنيا إليك كما ترى ... طفيلية قد جاوبت قبل أن تدعى
طبت «7» بك عشقا وهي معشوقة الورى ... فقد أصبحت قيسا وعهدي بها ليلى
ولما رأت خطابها فركتهم «8» ... ولم ترض إلا زوجها الأول الأولى
ولم تتساهل في الكفى ء ولم تقل ... رضيت إذا ما لم تكن إبل معزى
Página 71