وَمَن فِيهَا﴾ إلى قوله ﴿فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ . [المؤمنون:٨٤-٨٩]، وقوله ﴿أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا﴾ إلى قوله ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ . [النمل:٦١-٦٤] .
فتأمل هذه الآيات، وما فيها من الحجج والبينات، تطلعك على جهل هذا العراقي وأمثاله، وأنهم ما عرفوا شرك المشركين، وما كانوا عليه من القصد والدين، ولم يعرفوا ما كان عليه أنبياء الله وأتباعهم من توحيد رب العالمين.
وتأمل كيف استدل الله ﷾ على توحيد إلهيته، ووجوب عبادته وحده لا شريك له، بما أقر به الخصم واعترف به من توحيد ربوبيته، واستقلاله بالملك، والخلق، والتأثير، والتدبير.
وهذه عادة القرآن دائمًا يعرج على هذه الحجة، لأنها من أكبر الحجج، وأوضحها، وأدلها على المقصود.
فسبحان من جعل كلامه في أعلى طبقات البلاغة، والفصاحة، والجلالة، والفخامة، والدلالة، والظهور. فأيُّ شبهة بعد هذا تبقى للمماحل١ الكفور٢.
واعلم أن دعاء الأموات والغائبين ليس بسبب لما يقصده المشرك ويريده، بل هو سبب لنقيض قصده وحرمانه، وهلاكه في الدنيا والآخرة.
_________
١ في طبعة آل ثاني:"للماحل".
٢ في طبعة آل ثاني:"المغرور".
1 / 44