مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رَبِّ العالمينَ، وصلى اللهُ وسَلَّمَ على نَبيِّنا محمَّدٍ، وآلِه وصحبِه أجمعين، أما بعد.
فإن اللهَ سبحانه نَصَبَ في كلِّ زمانٍ رجالًا يحمونَ شريعتَه، وينصرون ملَّتَه، ويجاهدونَ فيه حقَّ جهادِه، إذا انتهكت حُرُماتُه غَضِبوا غَضَبَ الأَسَد، وإذا سُلِكَ سَبِيْلُه فَرِحُوا فرحَ الوالِد بالولد.
أسبلَ اللهُ عليهم من العلمِ النافع والعملِ الصالح ما أهَّلَهم للقيامِ بهذه المسؤوليةِ العظيمةِ، والمُهَّمةِ الجسيمة.
فاستخدموا هذا السلاحَ الذي أسبلَ اللهُ عليهم أذيالَه في هداية الخلقِ، وإرشادِهم إلى الطَّرِيْقِ السَّويِّ، والنَّهْجِ المَرْضِيّ.
كما استخدموه أيضا في استئصال شبه المنحرفين، والقضاء، على بدع المبتدعين.
وكان مقصودُهم بالردِّ على هؤلاء القيامَ بالمِيْثاقِ الذي أخذه اللهُ تعالى على أهلِ العلمِ في قوله: ﴿وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ﴾ .الآية، والخوفَ من الوقوعِ في جريمةِ كتمِ العلمِ وإخفائه.
وكان من مقصودِهم أيضًا نُصْحُ الأُمَّةِ، والأَخْذُ بِحُجُزِها عن السقوط في المهالك، سواءٌ في ذلك المردودُ عليه منهم أو غيرُه،
1 / 5
فالمَرْدُوْدُ عليه بإيضاحِ الحقِّ له، وقِيامِ الحُجَّةِ عليه، وغيرُه بتحذيرِه من اتباعِ الأهواءِ، والسُّقُوطِ في شَرَكِهَا.
قال شيخ الإسلام أبو العباس –رحمه الله تعالى- في وصفِ أهل السُّنَّةِ والجماعةِ، ومرادِهم بالردِّ على المنحرفين:
وأئمةُ السُّنَّةِ والجماعة وأهلُ العلمِ الإيمانِ فيهم العدلُ والعلمُ والرحمةُ، فيعلمون الحقَّ الذي يكونون به موافقينَ للسُّنَّةِ، سالمين من البدعة.
ويعدِلُون على من خَرَجَ منها ولو ظلمهم، كما قال تعال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ .
ويرحمون الخَلْقَ فيريدون لهم الخَيْرَ والهدى والعلمَ، ولا يقصدون الشَّرَّ لهم ابتداءً، بل إذا عاقبوهم، وبينوا خطأهم وجهلهم وظلمهم كان قصدُهم بذلك بيانَ الحقِّ، ورحمةَ الخلقِ، والأمرَ بالمعروفِ، والنَّهي عن المنكرِ، وأن تكون كلمةُ اللهِ هي العليا، وأن يكون الدينُ كلُّه لله ... اهـ من الردِّ على البكري.
وإن من الرِّجالِ الذين هَيَّأَهم الله تعالى، ونَصَبَهم لحفظِ شريعتِه، والقيام عليها: أئمةَ الدَّعْوةِ بنجد، الذين أبلوا بلاءً حسنًا في هذا المِضمَارِ، وحَمَوْا ثغورًا للشَّرِيْعة كاد أن يَقْتَحِمها المشركونَ والكُفَّارُ وأنفقوا نفيسَ العمرِ وعزيزَ المالِ في الدعوة إلى التوحيدِ ومُؤازَرَةِ أهلِه الأبرار.
فلا تجد شبهةً منحرفةً أثيرت في وقتِهم إلا وهم لها بالمرصاد، ولا تشكيكًا في الحقِّ إلا وهم لتفنيدِه وتَزْيِيْفِه على أتمِّ استعداد.
1 / 6
وهذه الرسالةُ التي هي السادسة من هذه السلسلة الموسومة بـ"سلسلة رسائل وكتب علماء نجد الأعلام"واحدةٌ من عشراتِ الكُتُبِ المَرْمُوْقةِ ببَناَنِ أَئِمَّةِ الدَّعوةِ في الردِّ على أهل البِدَعِ والانْحِرافِ العَقَديِّ.
وهي في نَقْضِ شُبَهٍ أثَارَها رجلٌ جانٍ على نصوص الكتاب والسُّنَّة، يدعى:"داود بن سليمان بن جرجيس".
وقد تصدى لنقضها مؤلفنا العالمُ العَلاَّمَةُ المحقق الجليل الشيخُ عبدُ اللطيف بنُ عبدِ الرحمن بنِ حسن بنِ محمد بنِ عبد الوهاب –رحمهم الله تعالى-في هذه الأوراق الكريمة الثمينة، المسماة:"تُحفةُ الطالبِ والجليس في كشف شُبَهِ داود بنِ جِرْجِيس"١.
ولن أثقل سمعَ القارئِ بِكثرةِ الكلامِ حولَ هذه الرسالةِ ومَضْمُونِها، فأَدَعَه وإيَّاها، ليَعْرِفَ محتواها، ويَطَّلِع على فَحْواَها، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
كتبه
الفقير إلى عفو ربه القدير
عبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
الرياض-يوم عاشوراء من شهر الله المحرم سنة ١٤٠٨هـ.
_________
أفاد الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع في مقدمته لهذا الكتاب: أنه أُلِّف سنة ١٢٩١، أي قبل وفاة مؤلفه –رحمه الله تعالى وغفر له- بعامين.
1 / 7
النسخ المعتمدة
طبع هذا الكتاب لأول مرة في عام ١٣٠٥هـ وتعتبر هذه الطبعة في مصاف النوادر من المخطوطات، وبتيسير من الله تعالى وقعت نسخة منها في يد الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، فسعى في طبعها ونشرها، وعرضها على حاكم قطر الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، فسارع –كعادته في المبادرة إلى الخير-بطبعها وقفًا لله تعالى، وذلك سنة ١٣٨٢هـ.
قال ابن مانع في تقديمه للرسالة:"وقد طبع هذا الرد العجيب سنة ١٣٠٥هـ ونفدت طبعته، وقَلَّ وجوده حتى نسي، أو كاد أن ينسى، وما زلتُ أبحث عنه لأقوم بإعادة طبعه ... حتى يسَّر الله لنا الوقوف عليه في مكتبة عين من أعيان الحجاز العالم السلفي الفاضل الشيخ محمد بن حسين نصيف، فحين الوقوف عليه، عرضته على أنظار صاحب السمو الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني..فبادر بإصدار أمره العالي بطبعه وقفًا لله تعالى ... "اهـ بتصرف.
وقد صُوِّرت هذه الطبعة على نفقة رئاسة هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمملكة العربية السعودية، وذلك في عام ١٤٠٢هـ.
كما توجد نسخة ثانية ضمن كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية"للشيخ العلامة عبد الرحمن بن قاسم –رحمه الله تعالى-.
1 / 8
هذا ما وقفت عليه من طبعات الكتاب.
أما نسخ الكتاب الخطية فقد عثرت على ثلاث نسخٍ:
النسخة الأولى: في إحدى المكتبات الخاصة في نجد، وقد عثر عليها الشيخ الفاضل: الوليد بن عبد الرحمن آل فريّان –وفقه الله-وهي نسخة قديمة، حسنة الخطِّ، تقع في اثنين وأربعين ورقة، كتبت من إملاء المؤلف، بقلم: عبد العزيز بن ناصر بن راشد بن تريكي، ولم يذكر عليها تاريخ النسخ. والإشارة إليها بحرف (أ) .
النسخة الثانية: محفوظة في "جامعة الملك سعود"رقم (٨/ ٣٤) وهي نسخة جيِّدة الخط، تقع في ثمانٍ وعشرين ورقة، لم يذكر عليها اسم الناسخ ولا تاريخ النسخ، وقد سقط منها قرابة ربع الكتاب الأخير، يبدأ السقط من صفحة (١٠٤) سطر (١٤) بعد كلمة: (لم يفهمه كثير) من الطبعة التي بين يديك. والإشارة إلى هذه النسخة بحرف (ب) .
النسخة الثالثة: في مكتبة شيخنا المعمَّر: عبد العزيز بن مرشد –حفظه الله-وهي بخط والده الشيخ صالح، كما دَلَّ على ذلك: قلمُه. وتقع في ثمانٍ وثلاثين ورقة.
*****
وقد قابلتُ النسخ الخطية مع طبعة آل ثاني، وأثبت أغلب الفروق بينهُنَّ.
كما خرّجتُ أغلب الأحاديث الواردة في الكتاب.
ووضعت فهارس للموضوعات تبرز مكنون الكتاب ومخبوءه.
والله أسأل التسديد والتوفيق، والهداية لأقوم طريق.
1 / 9
(تنبيه)
طبعت هذه الرسالة باسم:"دلائل الرسوخ في الرد على المنفوخ"في طبعتي عام ١٣٨٢هـ و١٤٠٢هـ وقد سمّاها بهذا الاسم الألوسي في كتابه"المسك الأذفر"ص ٤٦٠.وينظر في الطبعة الأولى هل هي بهذا الاسم أم لا.
ونسب الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ في كتابه "مشاهير علماء نجد"ص٧٥ تسمية هذه الرسالة بهذا الاسم إلى الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع الذي كان مشرفًا على الطبعة الثانية.
والذي يترجح –والله أعلم-أن الاسم الصحيح هو ما أثبته على ظهر هذه الطبعة، وذلك لأمورٍ منها:
الأول: أنه الاسم المثبت على النسختين الخطيتين "أ"و"ب".
الثاني: أنه الاسم المعتمد عند المترجمين للمؤلف، كما جرى عليه الشيخ العلامة عبد الرحمن بن قاسم في ملحق "الدُّرر" (١٢/ ٧١) والشيخ عبد الرحمن آل الشيخ في كتابه "مشاهير علماء نجد"، وعلق في الحاشية قوله: طبع كتاب"تحفة الطالب والجليس"
1 / 10
بعنوان"دلائل الرسوخ في الرد على المنفوخ"والذي سماه بهذا العنوان الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع. اهـ. قلت: لعل الشيخ ابن مانع أخذ هذه التسمية من كتاب"المسك الأذفر"للألوسي المتوفى عام ١٣٤٣هـ.
1 / 11
ترجمة المؤلف
*هو الشيخ العالم العلامة الإمام القدوة الفهامة: عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ حسن بن شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب.
ويجمل أن ينشد عند قراءة هذا النسب قول الشاعر:
هو الشيخُ وابنُ الشيخِ والشيخُ جدُّه ... فيا حَبَّذا شيخ تناسل من شيخِ
*ولد هذا العالم الجليل في مدينة "الدرعية"عام ١٢٢٥هـ، وكانت آهلة بالعلماء الأجلاء، والطلاب النبغاء، مما أدَّى إلى غرس حبِّ العلم في صدره، حتى شُغِفَ به، وتشوق إليه. وما إن مَرَّ عليه زمن التمييز في هذه البلاد المباركة حتى انقض عليها العدو الغاشم، فأبادها، ونقل معه أعيان الأسرتين الكريمتين: آل سعود، وآل الشيخ، ووضَعَهُما تحت الرقابة في البلاد المصرية، وكان المترجم له أحد المنقولين.
*ترعرع في كنف بيت شامخ في العلم والإيمان، متَحَلٍّ بكرائم الأخلاق، شهرته ملأت الأصقاع، وخيره وبرُّه طرق الأسماع، فأبوه: الشيخ الإمام المجاهد عبد الرحمن بن حسن. ووالدته: بنت الشيخ العلامة عبد الله بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
1 / 12
فكان لهذا البيت الطاهر أثرٌ فعَّالٌ في تقويم سلوكه، وتهيئته لحمل رسالة العلم والدعوة، مواصلة لسير آبائه وأجداده في ذلك.
*أقام في مصر إقامة طويلة، بلغت واحدًا وثلاثين عامًا، قضاها في العلم والمدارسة، حتى لم يدع فَنًّا إلا وأدرك فيه إدراكًا جيدًا، لا سيما العلوم التي لم تنتشر في البلاد النجدية.
وكان من مشايخه النجديين: الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب. ووالده الشيخ عبد الرحمن بن حسن. والشيخ أحمد بن حسن بن رشيد الحنبلي.
ومن غير النجديين: شيخ الأزهر الشيخ إبراهيم الباجوري. والشيخ أحمد الصعيدي. والشيخ العلامة محمد الجزائري.
*لما تركتِ الجيوشُ التركية العثمانية بلادَ نجدٍ، وسَكَنَت فتنُ مشاري وعبد الله آل ثنيان، وكان الأمر للإمام فيصل بن تركي، وضعفتِ الرَّقابةُ على النجديين في بلاد مصر، خرج الشيخ عبد اللطيف من مصر متوجهًا إلى بلاد نجد، وكان وصوله الميمون إلى "الرياض"عام ١٢٦٤هـ.
*فَرِحَ الناسُ بقدومه عمومًا، وطلاب العلم خصوصًا، لأنهم وجدوا فيه بغيتهم، ومقصدهم. حيث قدم حاملًا لعلومٍ قلَّ من يتقنها غيرُه في تلك النواحي.
وكان قدومه خيرًا وبركة على والده الشيخ عبد الرحمن الذي طعن في السِّنِّ، حيث حمل عنه بعض أعباء التدريس والدعوة والإرشاد.
1 / 13
كما كان قدومه –أيضًا- خيرًا وبركة على الإمام فيصل بن تركي، حيث وجد فيه العقلية المتكاملة، والمشورة الصائبة، والرأي السديد، مما حمله على الاعتماد عليه في جميع أموره، واصطحابه في الحل والترحال.
*بعد أن مَنَّ الله على الإمام فيصل بفتح الأحساء –وكان مجمع الفساد العقدي-لم يجد كُفْءًا لتقويم هذه البقعة وتطهيرها من مظاهر الشرك والخرافة، غيرَ الشيخ عبد اللطيف، فيعثه هناك معلمًا مفتيًا داعيًا، فناظر علماء الأحساء فيما لديهم من انحراف عن منهج السلف، فاقتنع كثير منهم، وعادوا إلى مذهب السلف، واعترفوا بخطأ منهجهم، وذلك لقوة حجة الشيخ، وبراعته في المناظرات، وفصاحة لسانه، وتحليه بالأخلاق الفاضلة، والآداب السامية.
*وبعد وفاة الإمام فيصل بن تركي –رحمه الله تعالى-وقع بين ابنيه: عبد الله وسعود نزاع كبير على السلطة، جرى بسببه فتن عظيمة، اندلعت نيرانها، وتطاير شررها، وعَمَّ الحاضر والبادِ ضررها.
وكان موقف الشيخ عبد اللطيف منها موقف العالم البصير بعواقب الأمور، والسياسي المحنك المجرَّب في الحروب، حيث بذل قصارى جهده في القضاء على هذه الفتنة، والسعي في حقن دماء المسلمين، وتوحِيد الكلمة، وجمعِ الشمل، ولكن أمر الله نافذ، وقضاؤه حتم، فقد شاء لهذه الفتنة الامتداد، رغم ما بذله العلماء من جهود في سبيل إخمادها (لِّيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا) .
1 / 14
ومن تأمَّل رسائل الشيخ عبد اللطيف، التي كتبها في هذه الحقبة الزمنية العكرة –وهي أحد عشر عامًا-علم ما كابده الرجل ولاقاه من إرهاق نفسي، وإجهاد بدني، بسبب هذه الفتنة العمياء، فالله يكتب له الأجر والثواب، ويثقل ميزانه يوم الحساب، ويغفر له ولوالديه وللمسلمين أجمعين.
*ومع انشغاله بتسكين الفتنة، والقضاء عليها، فقد أثرى المكتبة الإسلامية بمؤلفات رصينة، تنبئ عن غزارة علمه، وسعة اطلاعه، وفصاحة لسانه، وحريرية بنانه، فمن تلك المؤلفات:
١-تحفة الطالب والجليس في الرد على شبه داود بن جرجيس، وهو هذا.
٢-الرد على عثمان بن منصور، المسمى (مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام) .
٣-البراهين الإسلامية في الرد على الشُّبَه الفارسية.
٤-الرد على عبد المحسن الصحافي.
٥-شرح نونية ابن القيم، شَرَحَ فيه المقدمة، ثم اخترمته المنية قبل إتمامه.
٦-وله رسائل كثيرة، فيها فوائد جليلة، ونوادر بديعة، وقد جمعها الشيخ سليمان بن سحمان، وطبعت في مجلد كبير.
٧-له قصائد كثيرة، قيلت في مناسبات مختلفة، منها ما هو في الرد على أهل البدع والانحراف العقدي ومنها ما هو في الإخوانيات.
1 / 15
*تتلمذ على يده نخبة من طلبة العلم، أصبحوا فيما بعد قضاة، وعلماء، ودعاة، فممن تتلمذ عليه:
١-ابنه الشيخ عبد الله.
٢-الشيخ سليمان بن سحمان.
٣-الشيخ العالم الفقيه النحوي: محمد بن محمود.
٤-الشيخ حمد الفارس.
٥-الشيخ العلامة الفاضل: أحمد بن عيسى.
٦-الشيخ المجاهد الباسل: صالح بن قرناس.
٧-الشيخ صالح الشثري.
٨-الشيخ حسن بن حسين آل الشيخ.
*توفي مأسوفًا على فقده في "الرياض"في اليوم الرابع عشر، من شهر ذي القعدة، عام ١٢٩٣هـ، وله من العمر يومئذ ثمانية وستون عامًا. رحمه الله تعالى وغفر له، وأسكنه فسيح
1 / 16
تقاريظ الكتاب١
قد قرظ هذا الكتاب جملة من الأفاضل الأدباء؛ منهم: عبد القادر أفندي البغدادي الحنفي النقشبندي القادري، وذلك بقوله:
عبد اللطيف جزاهُ الله خالقنا ... يومَ الجزاء بأجرٍ غير ممنونِ
هو الهمام الذي شاعت فضائلهُ ... في الشرق والغرب من نجدٍ إلى الصينِ
بحرٌ من العلم يبدي من معارفهِ ... بديعَ دُرٍّ عزيز القدر مكنونِ
حَمى طريقَ رسولِ الله عن شبهٍ ... منسوبة لجهول غير مأمونِ
وساوس وأقاويل ملفقة ... كأنها بعض أقوال المجانينِ
ظن ابن برجيس من جهل ومن سفهٍ ... لم يبقَ في الناس ذو علمٍ وتمكينِ
فقال ما قال من زورٍ ومن كذبٍ ... مزخرف قد تبدَّى غير موزونِ
ولم يكن يغني عنهُ الظنّ فانعكست ... ظنونهُ في مجالٍ غير مظنونِ
إذ ردَّهُ ناكصًا يدعو النجاء على ... أعقابِه خسر الدنيا مع الدينِ
إن ابن جرجيسَ برذون وذا أسدٌ ... وهل تقاس أسود بالبراذينِ
"دلائل" أشرقت كالشهب أرسلها ... عبد اللطيف رجومًا للشياطينِ
جزاهُ مولاهُ عنا كل صالحةٍ ... من جنة الخلد في يوم الموازينِ
_________
١ هذه التقاريظ موجودة في طبعة آل ثاني فقط. ولعلها مأخوذة من الطبعة الأولى، المطبوعة عام ١٣٠٥هـ.
1 / 17
وقال حضرة العالم العلامة، والنحرير الفهامة، مولانا الأستاذ السيد مصطفى أفندي، مفتي السادة الحنفية، في مدينة الحلة، الشهير بواعظ زاده:
أدين الله بجميع ما في هذا الكتاب، الحاوي لكل معنى منيف، وأبرأُ إليه تعالى من الاعتقادات الفاسدة، والأقاويل الزائفة عن الحق، العارية عن كل فائدة، وأنزههُ سبحانهُ عما تقوّلهُ أهل الأباطيل، وعلَّلوه بتعليل عليل، وأشكر فضل من أنشأ هذه الفوائد الدينية، والقواعد الإسلامية. فجزى الله العلماء العاملين عن الإسلام والمسلمين خيرًا، ورزقهم الأمن والأمان والبشرى في الحياة الدنيا والآخرة، والحمد لله أولًا وآخرًا، وباطنًا وظاهرًا.
وأنا الفقير إليه عَزَّ شأْنه: السيد مصطفى نور الدين ابن المرحوم السيد محمد أمين الواعظ. غفر الله لهما آمين.
1 / 18
وقال المولى البارع، ذو النور الساطع، والفضل الناصع، الفاضل الأمجد، الشيخ أحمد، سلَّمه الفرد الصمد:
نحمدك اللهمَّ على أن جعلت لهذا الدين من العلماء العاملين أنصارًا وأعوانًا، ووفقتهم للذود عن سنة سيد المرسلين، والشرع المتين سرًّا وإعلانًا، فجرَّدوا قواضب ألسنتهم لقطع ألسنة المبتدعين، وحَدُّوا أسنة أقلامهم لسرد شبه الملحدين، فكانوا أعظم شأنًا وأعلى برهانًا.
ونصلي ونسلم على نبيك ورسولك وصفيك وأمينك، الذي ختمتَ به الرسالة، وأزلتَ بنوره ظلمة الضلالة، ورفعتَ ببعثتهِ الجهالة، بعد أن هلك الناس كفرًاَ وطغيانًا، فكسر الأصنام، وأزاح الطغيان، وقل الآثام، وقمع الأوثان، فبدل العصيان إذعانًا، وأحال الشرك إيمانًا، ﷺ، وعلى آله الذين اتبعوا أَثَرَهُ، وساروا سيرَه، وحفظوا سنَّتَهُ، ونصروا ملَّتَهُ، فارتفع بهم الشرع بنيانًا، وقوي الدين أركانًا.
وعلى أصحابه الراشدين الهادين المهديين، الذين هم نجوم الاهتداء، وبدور الاقتداء، جزاهم الله ﷾ عن المسلمين خير الجزاء، وأثابهم إنعامًا وإحسانًا، وبَوَّأهم من فضله غرفًا وجنانًا.
أما بعد:
فقد نظرت في عبارات هذا الكتاب نظرَ ناقد، وتأمَّلْتُ مقاصده فصلًا بعد فصل، وبابًا بعد باب تأمُّلَ قاصد، وقلبتُ ما فيه ظهرًا لبطن، وفنًّا بعد فَنٍّ، فألفيته قد اشتمل على فصل الخطاب،
1 / 19
وأصاب عين الصواب، وتميز بالحق عند أولي الألباب، فما مولى أحكم ترصيفه، وأجاد تصنيفه، وأبدع تأليفه، ووضع أركانه، ورفع وأعلى شأنه، إلا رجل عَضَّ على الشريعة بالنواجذ، وحملته غَيْرَتُه الإسلامية على رد ملحد مبتدع نابذ، قد لعب بعقله الشيطان، وسلك به كل فج من العصيان، فكتب أوراقًا تشتمل على خرافات من البدع والضلالة، وتحتوي على تُرَّهاتٍ تنادي على صاحبها بالسفه والجهالة، ثم نشرها على ضعفاء العوام ليضلهم بها عن سنة خير الأنام –عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام- ترويجًا لمذهبه الفاسد، واعتقادِه الكاسد، وطلبًا لتحصيل أمانيه الدنيوية، وحظوظه الحيوانية، ظنًّا منه أن الشريعة المطهرة قَلَّت أنصارها، وأظلم منارها، واستقلَّت ركابها، وعزَّ طلاّبها، وذَلَّت أسودها، واشتبهت حدودها، ولم يدرأنها محاطة بأبطال يضيق عنهم المجال، وتُسَدُّ بهم الخِلال، إذا قارعوا قرعوا، وإن صارعوا صرعوا، وإن حوربوا حربوا، وإن نوزلوا سلبوا، دروعهم كتاب الله، وأسنتهم سنة رسول الله، لسانهم سنان، وسنانهم لسان، وسلاحهم طاعة وإيمان.
فقيّض الله لردّه مؤسس هذا الكتاب، ومجري ينابيع هذا البحر العباب، والفاضل الذي شهدت بكماله فضلاء البلاد، وعمَّت فضائله كل ناد، العالم العامل البدر الذي يقصر عن مجاراته كل متطاول، الورع الزاهد، والتقي العابد، وطود القلم الشامخ، وركن المجد الباذخ، صاحب التصانيف المفيدة، والتآليف العديدة، الشيخ عبد اللطيف الحنبلي، غمره المولى ﷿ بلطفه الجليل الجلي، فَرَدُّهُ
1 / 20
بهذا الرد الحقيق بالقبول، المرضي عند ذوي العقول، فهو للمسلمين ترياق نافع، وللمبتدعين سُمٌّ ناقع، جزى الله تعالى مؤلفه خير الجزاء، وسلك به سبيل الصلحاء، وجعلنا ممن اقتفى أثر النبي ﷺ، واتبع سنته، وصَيَّرَنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
1 / 21
وقال الفاضل، والعالم العامل، جناب علي أفندي، المدرس بمدينة البصرة:
لاح نور الهدى وزال الضلال ... ودهى الشركَ والعنادَ زوالُ
وتجلت شمس الكمال عيانًا ... بعد ما كان دونها أظلال
ورياض التوحيد جاد رُباَها ... من سما الحق عارض هطالُ
ويد الجهبذ المحقق للحق ... الإمام المهذَّب المفضالُ
والهِزَبْر الهمام والعالم النحـ ... ـرير مَنْ عنده تنتهي الآمالُ
ذاك عبد اللطيف كنز المعالي ... هو بحر للعلم بحر زُلالُ
أَحْكَمَتْ١ للورى "دلائل" قصد ... صار فيها على الهدى استدلالُ
رسخت في قلوب قوم هداة ... وذوو الزيغ عن هنالك زالوا
رفعت عن عيوننا كل غبن ... وبها زال داء شرك عضالُ
ولها مبتغي الهدى فليبادر ... فلها ساغ أن تُشَدَّ الرِّحالُ
_________
١ أي يد الجهبذ.
1 / 22
نماذج من النسخ الخطية
1 / 23
الورقة الأولى من نسخة الشيخ ابن مرشد٢٤
1 / 24