Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Géneros
إن الإنسان لربه لكنود * وإنه على ذلك لشهيد * وإنه لحب الخير لشديد
[العاديات: 6-8].
ومنها: لتعلم أن لك همة عالية لا يسعها الجنة بما فيها، فإني أوهبتك الجنة منفردا وحيدا وأبحت لك نعيمها مع كثرة تنوعها دون شجرة واحدة، فما رضيت نفسك بها وما قنعت بها حتى تفرقت في تلك الشجرة، ولو كانت مكانها ألف جنة أخرى لم يكفها، وكانت جهنم حرصا تقول هل من مزيد ولا تملأ حتى يضيع الجبار فيها قدمه، فهنالك تمتلئ وتتردى بعضها إلى بعض وتقول: " قط قط " فافهم جدا.
ومنها: إنه يشير بقوله تعالى: { يآءادم اسكن أنت وزوجك الجنة } [البقرة: 35]، إلى أن الجنة مرتع النفس البهيمية الحيوانية، وغاية مطلبها وهمتها ونهاية نهمتها وشهوتها، ولكن فيه ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين { وكلا منها رغدا حيث شئتما } [البقرة: 35]، واقنعا بها واستريحا، ولا توقدا نار الفتنة على أنفسكما، ولا تصبا من قرية الجنة ماء الجنة على رأسكما { ولا تقربا هذه الشجرة } [البقرة: 35] أي: شجرة المحبة قد غرست لأجل آدم عليه السلام على الحقيقة؛ لقوله تعالى:
يحبهم ويحبونه
[المائدة: 54]، وإنما نهى عنها لمعنيين:
أحدهما: للعزة والدلال المحبوبي، فإنها من ثمة الحزن وكمالية الجمال.
وثانيهما: نهي التحريض والحث عليها، فإن الإنسان حريص على ما يمنع منه. نقل أن آدم عليه السلام ما أكل من الجنة شيء آخر إلا من هذه الشجرة، ولو لم ينه عنها لعله ما فرغ إليها من كثر أنواع المستلذات النفسانية، وكانت المحبة غذاء روحانيا قد كره منها، وحرضه عليها بنهيه عنها، وهذا كان كحال موسى عليه السلام، فلما أراد الله تعالى أن يشوقه إلى جماله ويبتليه ببلاء طلب الرؤية، ويفتح به هذا الباب على المحبين كلمه تكليما بلا واسطة جبريل عليه السلام لما أسكره بأقداح الكلام، وأذاقه لذة شراب السماع، وقربه اشتياقا إلى جماله وطمع في رؤيته، ورجا وصاله، فلما طمع في رؤيته ألقى جلباب الحياء وقال:
رب أرني
[الأعراف: 143]، ثم تروى برواة الكبرياء، وأتزر بإزار العظمة والعلاء وقال:
Página desconocida