وكان قياس هذا أن يقال: برّدته بالتشديد، فبرد، أو أبردته، فبرد، أو يقال: بردته، فانبرد، ولا يقال: فبرد؛ فيسوى بين فعل الفاعل والمنفعل، وبين المتعدي وغير المتعدي، في مثال واحد.
وأما قوله: هلت عليه التراب، أهيله، فمعناه: ذررت عليه التراب، أو حثوته، كما يهال على الميت في قبره، وفي ذلك قال الشاعر:
هيلوا علي ديسم من برد الثرى يأبى إله الناس إلا ما ترى/
وفي الحديث عن النبي صلى الله [عليه] أنه قال: "كيلوا ولا تهيلوا" بفتح التاء وإنما ذكر هذا؛ لأن العامة تقول: أهلت التراب، بالألف، وهو خطأ؛ لأن فاعله: هائل. ومفعوله: مَهيل. ومصدره: الهيل. يقال: هلت الشيء، فانهال. فأما أهلت؛ فإذابة الشحم ونحوه. ولذلك سميت الإهالة إهالة.
وأما قوله: لا يفضض الله فاك؛ فمعناه: لا يفرق الله أسنانك ولا يذهبها. يقال: فضضت جمعهم، أي فرقتهم. وقال بعضهم: واقعنا العدو ففضضناهم. ويقال: الحمد لله الذي فض خَدَمَتَهم. وقال الله ﷿: (ولَوْ كُنتَ فَظًا غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ومنه قولهم: فضضت الخاتم، أي كسرته. وإنما ذكره؛ لأن العامة تقول: لا يفضض الله فاك، بضم الياء، وهو خطأ؛ لأن الماضي منه: فض الله، بغير ألف.
1 / 88