"ثم ذكر لي فصلًا عظيم النفع في التنالسب بين اللفظ والمعنى، ومناسبة الحركات لمعنى اللفظ، وأنهم في الغالب يجعلون الضمة التي هي أقوى الحركات للمعنى الأقوى. . . فيقولون: عز يعَز بفتح العين إذا صلب. وأرض عزاز: صلبة. . . " ونجد الفكرة بعينها مع تفسير الكلمة على هذا الوجه في منهاج السنة (٣/ ٣٢٥).
ومنها القاعدة الأولى بعد باب الفقر والغنى، التي عنوانها: "قاعدة شريفة عظيمة القدر حاجة العبد إليها أعظم من حاجته إلى الطعام والشراب. . . ". وخلاصتها أن اللَّه ﷿ هو المعبود المطلوب المحبوب وحده، وهو المعين للعبد على حصول مطلوبه، وهو معنى قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾. فقد بنى ابن القيم كلامه في هذه القاعدة إلى أول الفصل الثالث (١١٦ - ١٣٣) على كلام شيخه، ونقل معظمه بنصه مع بسطه. وكذا فعل في الباب السادس من كتابه إغاثة اللهفان (٧٠ - ٩٦)، ولكنه رتبه هناك على نحو آخر، ولم يشر هنا ولا في الإغاثة إلى شيخ الإسلام. وكلام الشيخ في مجموع الفتاوى (١/ ٢١ - ٣٣).
ولا أستبعد أن يكون نقد ابن القيم لكتاب ابن العريف في علل المقامات مبنيًا على قاعدة الشيخ المذكورة في مؤلفاته، وقد سبقت الإشارة إليها.
وفي آخر هذه الفقرة نشير إلى موضعين في تفسير قول النبي ﷺ: "ربنا ولك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد". ذكر في الموضع الأول (٢٤٠) أن قوله: "ملء ما شئت من شيء بعد" يحتمل أمرين: أحدهما أن يملأ ما يخلقه
المقدمة / 47