في ذلك، فهو حامل علمه وناشره وشارحه. وكذلك بعض أقوال الشيخ وآرائه يعزوها إليه حينًا، ويغفل العزو حينا آخر. ومن ثم يجب على من يريد دراسة أفكار ابن القيم في موضوع من الموضوعات أن يستوعب النظر في مؤلفات شيخه أيضًا.
ذكر ابن القيم شيخه في هذا الكتاب في عشرة مواضع. أورد في موضعين (١٢، ١٨٦) ثلاثة أبيات من تائيته. وفي موضعين (٣٢٨، ٥١٨) ذكر كتابه "موافقة العقل الصريح للنقل الصحيح" وأثنى عليه. وفي موضعين آخرين (١٨٤، ٦٥٨) نقل مناظرة له مع بعض شيوخ الجبرية حكاها له. وفي (٨٤٩) نقل حكمه على حديث بأنه باطل موضوع. وفي المواضع الأخرى (٢٠٠، ٢١٤، ٥٣٤) نقل أقوال شيخه في بعض المسائل.
أما النصوص التي هي لشيخه بدليل وجودها في كتبه أو أن ابن القيم نفسه عزاها إليه في كتاب آخر له، فمنها أنه ذكر في (٢٩) قول المسيح للحواريين: "إنكم لن تلجوا ملكوت السماء حتى تولدوا مرتين" وفسّره واستدل كذلك بقراءة لأبي بن كعب، من غير إشارة إلى شيخه. ولكن في مدارج السالكين (٣/ ٣٤) نقل ذلك كله عن الشيخ.
ومنها أنه لما فسّر "العزيز" من أسماء اللَّه سبحانه بأن العزة تتضمن القوة قال: "يقال: عز يعَز -بفتح العين- إذا اشتدّ وقوي. ومنه الأرض العزاز للصلبة الشديدة. وعز يعز -بكسر العين- إذا امتنع ممن يرومه. وعز يعُز -بضم العين- إذا غلبَ وقهر. فأعطوا أقوى الحركات -وهي الضمة- لأقوى المعنى، وهو الغلبة والقهر للغير. . . " (٢٣١). ونحوه في مدارج السالكين (٣/ ٢٣٨) وجلاء الأفهام (١٤٧) أيضًا، ولكن السياق في جلاء الأفهام يدلّ على أنه من كلام شيخ الإسلام، إذ قال فيه:
المقدمة / 46