ومنهم الشيخ جمال الدين يوسف، إمام الجامع، ومن هو للخيرات جامع، له لسان فصيح، وبيان صحيح وطريق مليح ونفع، له كلمات لطيفة، وإشارات طريفة، وعنده تحقيق وتدقيق، ومنافسة لأهل الطريق، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ولو كان على رأسه السيوف، كثير التلاوة للقرآن، حسن المواساة للإخوان.
ومنهم الشيخ شمس الدين، بركة المسلمين واللطف والدين، أحد الفقهاء والصوفية، إمام المدرسة السيفية، فضائله مشهورة، وأعماله مشكورة، ولطفه موصوف، وطريقه الحسن معروف صحب الشيخ صفي الدين، فخرج به حتى صار من المفلحين، ولزمه طول حياته، واستقر على وظائفه بعد مماته، وأحيى المدرسة بنفسه وبأولاده، وانقطع محصلا لزيادة الذي ينفعه في معاده، فليله ونهاره في تلاوة القرآن، وطريقه نفع الإخوان، فشكر الله مسعاه، ونفع به وأبقاه.
ومنهم الأخ في الله، الشفوق والمحب الصدوق، والنطق المستقيم، والكشف الظاهر، غريب المقال، ظاهر الحال، سخي اليد، شريف النفس، ليس له ثقلة على أحد، ولا يرتبط لأحد، تألف بي بعد نفوره، وأقام عندي لعدم اعتراضي عليه في جميع أموره، يعطي ولا يأخذ، ويخدم ولا يخدم، كان في أول أمره مولها بلطف وظرف، يرى في قوة الشتاء، إذا تراكم الثلج وأطبق بقميص واحد ممزق، ولو وافق في لبس ما يدانيه لتنازع أصحابه وتساهموا فيه، ولقد مسكوه مرة بقيسارية التجار، وربما غلقوا الأبواب حتى ألبسوه ثوبا جديدا عمله له بعض الأصحاب، وكان أول صحبتي معه أنه كان يحضر معي في دروسي، فإذا فرغنا من التدريس وضع من كمه في الحلقة تمرا ولوزا ونحوه، من مأكل لطيف نفيس، ودام ذلك مدة، فأخذت به أنسا، وتأكدت الصحبة، فلما كان بعض الأيام أخذ منا المقر الركني أمير عمر الحمام، فحصل وجعه، فجاءني وقال: مرض أمير عمر وولده ولا يتعافيا حتى
Página 181