بالبناء للمفعول أي أسس الإسلام ( على خمس ) أي خمس دعائم كما في رواية عبد الرزاق ، فالمبني هو الإسلام الكامل والمبني عليه أصل الإسلام ، ومجموع هذه الخمس غير المبني عليه من حيث الانفراد ، وعينه من حيث الجمع ومثاله البيت مثلا يجعل على خمسة أعمدة : أحدها أوسط ، والبقية أركان فإذا دام الأوسط قائما ، فسمي البيت موجودا ، ولو سقط شيء من الأركان ، فإذا سقط الأوسط سقط مسمى البيت ، فالبيت بالنظر إلى مجموعة شيء واحد ، وبالنظر إلى أفراده أشياء كثيرة ، وأيضا فالنظر إلى رأسه وأركانه الأس أصل ، والأركان تبع وتكملة ، وأيضا إلى معنى الإسلام هو التذلل العام الذي هو اللغوي ، فيبنى عليه التذلل الشرعي الذي هو فعل الواجبات ، فلا يلزم على ذلك المذكور بناء الشيء على نفسه ( شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) بجر شهادة وما بعدها على البدل من خمس ، ويجوز الرفع على حذف الخبر ، والتقدير منها شهادة أو على حذف المبتدأ ، والتقدير أحدها شهادة ولم يذكر صلى الله عليه وسلم الجهاد مع هذه الخمس ، لأنه فرض كفاية وهذه فروض عينية ، ولم يذكر الإيمان بالملائكة ونحوه ، لأنه صلى الله عليه وسلم أراد بالشهادة تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم بكل ما جاء به فيستلزم ذلك ( وإقام الصلاة ) أي المداومة عليها ( وإيتاء الزكاة ) أي إعطاؤها أهلها ( وحج البيت وصوم رمضان ) رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن ابن عمر بن الخطاب ، وفي رواية لمسلم عن ابن عمر تقديم الصوم على الحج وقدم صلى الله عليه وسلم الشهادتين ، لأنهما أصل الأمر كله ثم الصلاة ، لأنها عماد الدين ويقتل تاركها بضرب عنقه على المذهب وقيل : يضرب بالخشب إلى أن يموت . وقيل بنخس بحديدة إلى أن يصلي أو يموت ، ثم الزكاة لأنها فطرة الإسلام ولشمولها المكلف وغيره ، ثم الحج للتغليظات الواردة فيه من نحو قوله صلى الله عليه وسلم من لم تحبسه حاجة ، ولم يحج وله جمع ، فليمت إن شاء يهوديا ، وإن شاء نصرانيا ، والمراد بالجمع مال وغيره ، فإن بذلك المذكور من التعاليل أن يقع الصوم آخرا . | ووجه الحصر في الخمس أن العبادة إما قولية ، وهي الشهادة أو غير قولية وهذا إما تركي وهو الصوم ، والمراد بالترك إمساك الصائم ، أو فعلي وذا إما بدني وهو الصلاة أو مالي وهو الزكاة ، أو مركب منهما وهو الحج . والإسلام الحقيقي يحصل بالشهادتين بشرط التصديق كما أفاده العزيزي ( وقال صلى الله عليه وسلم : صلوا خمسكم ) أي صلواتكم الخمس ( وزكوا أموالكم وصوموا شهركم ) أي رمضان كما روي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي ) ( وحجوا بيت ربكم ) أي الكعبة المشرفة ( تدخلوا جنة ربكم ) أي الذي رباكم في نعمته ( بغير حساب ) أي بغير مناقشة فيه فقوله تدخلوا جواب الأمر ( وقال صلى الله عليه وسلم : الصلاة عماد الدين ) أي أصله وأسه فالصلاة تحقيق للعبودية ، وأداء حق الربوبية وجميع العبادات ، وسائل إلى تحقيق سرها كما أفاده العزيزي ( فمن أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين ) بالدال المهملة ، أي أزاله من أصله أو بالذال المعجمة ، أي قطعه فقوام الدين ليس إلا بها كما أن البيت لا يقوم إلا على عموده ( وقال صلى الله عليه وسلم : المرأة إذا صلت خمسها ) أي المكتوبات الخمس ( وزكت مالها وصامت شهرها ) أي رمضان غير أيام الحيض والنفاس إن كان ( وحجت بيت ربها وأطاعت بعلها ) أي في غير معصية ( وأحصنت فرجها ) أي من وطء غير حليلها ( تدخل جنة ربها من أي باب شاءت ) وأضاف صلى الله عليه وسلم طاعة الزوج إلى مباني الإسلام إشارة إلى أنها عظيمة ( وقال صلى الله عليه وسلم لكل شيء علم ) أي لواء ( وعلم الإيمان الصلاة وقال صلى الله عليه وسلم : اتقوا الله في الصلاة اتقوا الله في الصلاة اتقوا الله في الصلاة ) أي بتعليم أركانها وشروطها وهيئاتها وأبعاضها ، والإتيان بها في أوقاتها وتكرير الجملة ثلاثا لمزيد التأكيد ( اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم ) أي من آدمي وحيوان محترم ( اتقوا الله في الضعيفين المرأة الأرملة ) أي المحتاجة المسكينة التي لا كافل لها ( والصبي اليتيم ) أي الصغير الذي لا أب له ذكرا كان أو أنثى ، رواه البيهقي عن أنس بن مالك ، وهو حديث حسن ، وهو ما عرف مخرجه من كونه حجازيا شاميا عراقيا مكيا كوفيا ( وقال صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني ) أي علمتموني ( أصلي وقال صلى الله عليه وسلم من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر جهارا ) أي استوجب عقوبة من كفر أو قارب أن يكفر فإن تركها جاحدا لوجوبها كفر حقيقة ، رواه الطبراني عن أنس وإسناده حسن ( وقال صلى الله عليه وسلم : الصلوات الخمس كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر والجمعة إلى الجمعة ) أي وصلاة الجمعة إلى الجمعة ( كفارة لما بينهما وزيادة ثلاثة أيام ) رواه أبو نعيم عن أنس وقال الغزالي في الإحياء : وقال صلى الله عليه وسلم : ( مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب غمر بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات ، فما ترون ذلك يبقي من درنه قالوا : لا شيء . قال صلى الله عليه وسلم : فإن الصلوات الخمس تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن ) ( وقال صلى الله عليه وسلم : من جمع بين الصلاتين من غير عذر ) كسفر ومطر ( فقد أتى بابا من أبواب الكبائر ) رواه الترمذي والحاكم عن ابن عباس . |
1 ( الباب الخامس عشر في فضيلة السنن ) 1
أي نوافل الصلاة قال العلماء : والحكمة في مشروعية النوافل التكميل
Página 32