باب المياه
الماء ضربان: قراح ومشوب. والمشوب ضربان: مشوب حكما، ومشوب عينا.
والمشوب حكما هو: الماء المستعمل. واعتبر أبو العباس الحسني في ذلك (1) أن يستعمل على وجه القربة، فرضا أو نفلا دون التبرد به، وخرجه من كلام يحيى عليه السلام، وذهب إلى أنه نجس، وكان يقول: إن كلام يحيى يقتضي نجاسته. وهو غير صحيح عندي، والصحيح أنه طاهر، على قياس أصله.
والمشوب عينا ضربان: ما شابه طاهر، وما شابه نجس. وما شابه طاهر ضربان(2): أحدهما شابه طاهر يتطهر به في حال، أو جاوره طاهر، ولا يصح أن يمازجه كما يمازج المائع. والآخر شابه طاهر لا يتطهر به على حال. وما لا يتطهر به على حال؛ إما أن يجاوره، أو يخالطه مخالطة الممازجة.
وما شابه نجس ضربان: ما ظهرت النجاسة فيه، وما لم تظهر النجاسة فيه. وهو ضربان: قليل، وكثير.
فالقراح، هو: الطهور الذي يزال به الحدث والنجاسة، والمشوب حكما هو: ما ذكرناه، وما شابه طاهر يتطهر به على حال فهو الماء الذي شابه /11/ طين طيب. وما جاوره طاهر ولا يصح أن يمازجه كما يمازج المائع، هو الماء الذي يسقط فيه عود أو قطعة من كافور أو عنبر فيكتسب رائحته. وما شابه طاهر لا يتطهر به على حال وخالطه مخالطة الممازجة، فإما أن يغلبه حتى يصير الماء مستهلكا فيه كماء الورد وشبهه، أو لا يغلبه، ولكن يغير طعمه أو لونه أو ريحه، كاللبن اليسير أو الزعفران إذا وقعا فيه.
فما كان مشوبا حكما وهو الماء المستعمل فالتطهر به لا يجوز، وقد ذكرنا أن الأولى أن لا يكون نجسا.
وما شابه طاهر يتطهر به كماء المدود (3) ونحوه، أو ما جاوره طاهر ولم يخالطه وإنما اكتسب رائحته، فالتطهر به جائز.
Página 57