186

قال أبو العباس: إذا أطلق الأيام في إيجاب الاعتكاف دخل فيها الليالي، تخريجا على قول يحيى عليه السلام ، وإن أوجبت امرأة على نفسها اعتكاف أيام، ثم حاضت قبل مضي تلك الأيام، خرجت من مسجدها إلى أن تطهر وتغتسل، فإذا اغتسلت عادت إلى المسجد وبنت على اعتكافها. وكذلك إن خاف رجل أو امرأة على نفسه في مسجد اعتكافه فله أن يخرج إلى مسجد آخر. وكذلك إن انهدم المسجد انتقل إلى مسجد آخر وبنى على اعتكافه، وكذلك إن أخرجه السلطان ظلما وكرها له(1)، على قياس قول يحيى عليه السلام.

ومن جعل على نفسه أن لا يكلم أحدا في اعتكافه فينبغي إذا عرض له ما يجب أن يتكلم به نحو رد السلام وغير ذلك أن يتكلم ويجيب عن السلام، ويكفر عن يمينه فيطعم عشرة مساكين.

وإن قال: لله علي أن أعتكف شهرا إن كلمت فلانا فكلمه لزمه ذلك.

قال أبو العباس: من قال: لله علي أن أعتكف الجمعة فعليه أن يعتكف كل جمعة؛ لأنه تعريف الجنس. قال السيد أبو طالب: هذا إذا لم يقصد باللفظ جمعة بعينها؛ لأنه إذا قصد ذلك جرى مجرى تعريف العهد، وكذلك إن قصد به جمعة منكرة صح؛ لأن اللفظ يصلح لذلك مجازا من طريق العرف فالنية تعمل فيه.

والعبد والأمة إذا أوجبا على أنفسهما اعتكافا لزمهما ذلك، ولسيدهما منعهما منه، وكذلك المدبر وأم الولد، ولا يستحب له منعهم، وكذلك المرأة، على أصل يحيى عليه السلام، فأما المكاتب فليس له أن يمنعه.

ولو أن رجلا أوجب على نفسه اعتكاف أيام وحضرته الوفاة فأوصى أن يعتكف عنه، وجب أن يخرج من ثلث ماله ما يستأجر به مسلم ليعتكف عنه، ويلزم الورثة إجازة ذلك.

ويكره للنساء الإعتكاف، إلا اللواتي لا رغبة للرجال/104/ فيهن، على قياس قول يحيى عليه السلام.

Página 186