185

وينبغي للمعتكف أن يتحرز في حال اعتكافه من كل خصومة وجدال في غير حق، ولفظ قبيح، وفعل محظور، واشتغال بما لا قربة فيه من الأفعال التي يستغنى عنها وإن كانت مباحة، وأن يتوفر على العبادات وقراءة القرآن والدعاء والإستغفار.

قال أبو العباس: وسواء شرط المعتكف الخروج من المسجد أو لم يشرط؛ في أن الخروج لغير ما ذكرنا مفسد له.

ويصح في الإعتكاف ما يصح في الصوم ويفسده ما يفسد الصوم، والمراد به جنس المباشرة كالوطء والإنزال والقبلة واللمس، فإنما يفسد الصوم من ذلك يفسده.

والإعتكاف ضربان:

أحدهما: أن يدخل الإنسان فيه بنيته.

والثاني: أن يوجبه على نفسه، فإن أحب إيجاب الإعتكاف على نفسه فإنه يجب أن يتلفظ به، فيقول: لله علي اعتكاف يوم أو أيام. ويعين ذلك أو يطلق، فإن أوجب اعتكاف يوم أو أيام وأراد بذلك النهار دون الليل؛ فإنه يدخل المسجد قبل طلوع الفجر حتى يكون عند طلوعه حاصلا فيه، ويخرج منه بعد غروب الشمس، وإن أوجب على نفسه اعتكاف شهر بعينه لزمه أن يدخل المسجد قبل غروب الشمس، ويخرج منه آخر الشهر بعد غروبها، على قياس قول يحيى عليه السلام. وإذا أطلق ذلك فله أن يعتكف أي يوم أو أيام أراد، وإن عين فعليه أن يعتكف ذلك اليوم بعينه أو تلك الأيام ما لم يكن اليوم أو الأيام مما لا يصح فيه الصوم، فإن كان كذلك لزمه قضاء ما أوجبه/103/ على نفسه، فإن فاته اعتكاف ذلك اليوم بعينه اعتكف يوما آخر بدلا عنه، وكذلك القول في الأيام المعينة، ومن أوجب على نفسه اعتكاف جمعة بعينها فعليه أن يعتكف فيها، فإن فاته ذلك اعتكف جمعة أخرى، وإن لم ينو جمعة بعينها اعتكف أي جمعة كانت، وإن أوجب اعتكاف شهر رمضان بعينه ففاته فإنه يعتكف شهرا آخر غير شهر رمضان، على قياس قول يحيى عليه السلام.

Página 185