ورابعها: أن فيه سبعة أوجه من التشبيه: أولها: أن الرعد والبرق والظلمات والمطر يحير المسافر، كذلك نفاق هؤلاء نهاية في الحيرة.
وثانيها: أن المطر، وإن كان ينفع فمع هذه المخاوف يتغير حاله، كذلك إيمانهم لما فارقوا الإخلاص تغير حاله في النفع.
وثالثها: أن المسافر يرجو خلاصا بجعل أصبعه في أذنه كذلك المنافق يرجو بإظهار الإيمان نفعا.
ورابعها: أنه يجعل أصبعه في أذنه حذر الموت كذلك المنافق إذا دعي إلى الجهاد يؤخر خوفا من الموت والقتل.
وخامسها: بأنهم وإن جعلوا أصابعهم في آذانهم لا يتخلصون من الموت كذلك هذا المنافق بالحذر لا يتخلص من النار بما يأتي في الظاهر.
وسادسها: أن المطر لا ينفع مع هذه الصواعق كذلك ظاهر الإيمان لا ينفع مع إبطان الكفر.
وسابعها: أن المنافق يتصور القتل في كل وقت، لو ظهر عليه فهو يخافه، ويعتريه نهاية من الحسرة، كهذا المسافر الذي هذه حاله.
ووجه خامس حسن: أنهم في إعراضهم من القرآن وتصاممهم من استماعه بمنزلة من يسمع الصاعقة فيخاف الهلاك بها، ونظيره: (وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا (46)
وهذا هو الإيجاز الحسن، والاختصار الدال، عن أبي مسلم.
ووجه سادس: أن حال هؤلاء المنافقين في تحيرهم وجهلهم وأنهم لا يهتدون إلى خير كحال هؤلاء الذين هم في ظلمة الصيب والليل إذا أصابهم البرق مشوا فيه، وإذا ذهب البرق تحيروا، إلا أنه أشد تحيرا ممن لم يزل في ظلمة فيطلبون طريقا يسيرون فيها عند ذهاب البرق وغلبة الظلمة والتحير، فحال هؤلاء المنافقين في تحيرهم كحال من بقي في الظلمة بعد البرق، عن أبي علي.
Página 275