فيقال أراد يكنسوا قطنًا، أي جعلوا ثيابًا من قطن لهم مثل الكنس جمع كناس وهو حيث تكون الظبية والبقرة الوحشية، وقيل القطن جمع قطين وهم أهل الدار، وقيل القطن جمع قطان وهو جانب الهودج.
ومن التي أولها:
عَزِيُز أسىً مَنْ داؤُهُ الحَدَقُ النُّجلُ ... عَياءُ بِهِ المُحِبُّونَ مِنْ قَبْلُ
قال الشيخ ﵀:) عزيز (خبر مقدم إذا جعلت) من (معرفة، فإن جعلتها نكرة جاز أن يكون) عزيز (المبتدأ، وذهب بعض النحويين إلى أن المبتدأ والخبر إذا كانا نكرتين فالمبتدأ هو الأول لا غير، وقد يكون المبتدأ والخبر نكرتين وأحدهما أخص من الآخر كقولك:) ذهب خاتم في إصبعك (فخاتم هاهنا أخص من ذهب، وهو بأن مبتدأ أولى من ذهب،) وعياء (أي معيي لا يعرف دواؤه، ويجوز أن يكون) عياء (بدلًا من) الحدق النجل (ولا يمتنع أن يكون على إضمار هو) والأسى (من قولك أسوت الجرح إذا أصلحته وداويته ويقال أسى الجرح أسوًا وأسى.
قال الأعشى:
عِنْدهُ البِرُّ والتُّقَى وأسا ... الصَّدع وحَمْلُ لُمضْلِعِ الأَثْقالِ
وأشبه الوجوه عزيز أسىً من داؤه، بتنوين عزيز وإضافة أسى إلى من ويجوز عزيز أسىً من داؤه، بتنوين عزيز وإضافة أسى إلى من ويجوز عزيز أسىً بإضافة عزيز إلى أسى وتنوين أسى، ويجوز تنوينهما.
كَفى ثُعَلًا فَخْرًا بأنَّكَ منْهُمُ ... ودَهَرًا لأنْ أصْبحتَ مِنْ أهْلهِ أهْلُ
قال ابن جني: ورواه) دهر (بالرفع، أي وهو أهل لأن أصبحت من أهله أهل للفخر، فارتفع) أهل (لأنه وصف لدهر، وارتفع دهر بفعل مضمر دل عليه أول الكلام، فكأنه قال: وليفخر دهر أهل لأن أمسيت من أهله، لا يتجه رفعه إلا على هذا، لأنه ليس قبله مرفوع يجوز عطفه عليه، ولا وجه لرفعه بالابتداء إلا على حذف الخبر، وليس في قوة إضمار الفعل هاهنا.
وقال الشيخ أبو العلاء ﵀ ورواه) دهرًا (بالنصب، قوله) بأنك منهم (الباء زائدة، وقوله: أنك منهم وكفى دهرًا فخرًا أنه أهل لأنك من أهله، وكان رفع) أهلًا (في آخر البيت على تقدير) ودهرًا (هو لأن أمسيت من أهله أهل.
وقال ابن فورجة ورواه) دهرًا (بالنصب: هكذا رويت بنصب دهر، وهو معطوف على قوله) ثعلا (أي وكفى دهرًا، ورفع أهل بخبر مبتدأ محذوف كأنه قال: وكفى دهرًا لأن أمسيت من أهله أهل فخرًا، وهو كقوله أيضا:
ليتَ لي مثل جَدّ ذا الدَّهْرِ في الأدْ ... هُرِ أوْ رِزْقهِ مِنَ الأرْزَاق
أنتَ فيه وكانَ كُلُّ زَمانٍ ... يَشْتَهي بَعْضَ ذَا عَلى الخَلاَّقِ
ومن التي أولها:
صِلَةُ الهَجْرِ لي وَهَجْرُ الوِصَالِ ... نَكَسانِي في السُّقْمِ نُكْسَ الهِلالِ
قال الشيخ ﵀: يقول مواصلة الهجر وهجر المواصلة نكساني في السقم نكس الهلال. أي كنت صحيح الجسم كامل الخلق، فنكسني هذان الشيئان نكس الهلال، وذلك أني زدت كما يزيد في أول الشهر، ثم نقصت كما ينقص إلى أن لحقه السرار، وقد شببت الشعراء بالقمر وزيادته ونقصه وينشد لبعضهم:
ومَهْمَا يكُنْ رَيْبُ الزَّمانِ فإنَّني ... أرَى قَمَرَ اللَّيلِ المُعذَبَ كالفَتَى
يكُونُ هِلاَلًا ثم يَزدَادُ نُورُهُ ... وبهَجَتُه حَتَّى إذَا تمَّ واسْتَوَى
تَقَاربَ يَخْبُو ضَوْؤهُ وبَهاؤُهُ ... وينقصُ حتَّى يَسْتَسِرَّ فلا يُرَى
كذلِكَ زَيْدُ المَرْء ثمَّ انْتِقَاصُهُ ... عَوْدَتُهُ في عُمرِهِ بعدَمَا مَضى
بُطُلُولٍ كأَّنُهنَّ نُجَومُ ... في عِراصٍ كأَّنُهنَّ ليالي
قال ابن جني:) الأطلال (ما شخص من آثار الدار، أي تلوح الطلول من العراص كما تلوح النجوم في الليالي.
قال الشيخ ﵀: شبه الطلول بالنجوم، لأنها عنده مستحسنة لأجل من كان يحلها ممن يحب، والعراص وهي جمع عرصة وهي الموضع من الدار، وجعل العراص كالليالي لأن المرتحلين عنها كانوا فيها كضياء النهار، فلما فارقوها ذهب نورها، فكأن كل عرصة منها ليلة في الإظلام.
والجِرَاحاتُ عِنْدَهُ نَغَمَاتُ ... سَبَقتْ قَبْلَ سَيْبِهِ بِسُؤَالِ
قال الشيخ: زعم أن الجراحات عند الممدوح نغمات تسبق من السؤال سيبه أي يشق عليه أن لا يكون سبق إلى المعروف قبل أن يطلب منه.
ومن التي أولها:
1 / 72